Monday, December 31, 2007

كل عام وأنتم متفائلون

آخر ساعة في هذا العام،
عودت نفسي سنويا أن أنهي العام باختتام كتاب ولا أظنني سأفعل ذلك اليوم، في العام الماضي أظن أنني قرأت الطوارق وقد كان من أجمل الكتب التي قرأتها وعلى إثرها تعززت لدي الرغبة الشديدة في أن أفكر بموضوع السفر إلى الصحراء المغربية
منذ فترة وأنا أنتظر شيئا ما، أردد عددا من الكلمات هي ليست إلا تعبيرات عن مشاعر باتت تزعجني أحيانا وتشعرني بالراحة أحيانا أخرى
هذه المشاعر تتمثل في أننا مقبلون على أحداث مصيرية، قد يكون أي يوم مصيريا بالنسبة لشخص ما إلا أنني أشعر بقوة بأن هناك ما سيحدث ويحدد الكثير من الأمور في الفترة القادمة، لا أدري لماذا لا أشعر بالتفاؤل حيال ذلك ولكنني أتمنى أن تكون مشاعري خاطئة وأن تخونني،
في بعض اللحظات كنت أتمنى لو أن أكون في مكان غير هذا لأنني حقيقية لا أحب أن أشهد أي حدث مصيري أو أي تغيير قد يطرأ على الوضع العام
كثيرون يغرقون في هذا الشعور ولكن الأغلبية لا يعبرون عن ذلك ولكن بمجرد أن تتحدث أمامهم عن ذلك، يتصرفون وكأنها الكلمات التي يريدون قولها وتضيع
كنت أتصور بأن عامي هذا كان سيئا ولكني صدمت عندما رافقت أمي لإنهاء بعض الأمور وعلقت بأن حظها سيء جدا في ذلك اليوم بينما انفترت عن ثغرها ابتسامة وقالت بأنها ترى العكس تماما، استطاعت كما يقولون أن ترى النصف المملوء من الكأس بينما لم أستطع على الرغم من أنني أصغرها سنا وينبغي أن أكون أكثر تفاؤلا، ليست القاعدة هكذا طبعا ولكن الظروف التي تحيط بنا تجعلني على يقين بأن الواقع كان يجب أن يكون كما اعتقدت
مذهل! أو أن أمي مذهلة
عندما استرجعت بعض النقاط الأبرز في عامي استطعت أن ادرك بأنني حققت شيئا عظيما حقا، يكفي أني حصلت على الوقت الكافي لتلمس بعض المفاهيم المحيطة والتي لم أكن لأعرفها وتصبح بها حياتي كما هي في هذه اللحظة
ولكن أعود لأعتقد بأنه أكثر الأعوام تناقضا على الإطلاق، ففي حين لم يرحل العام قبل أن يصفعني أقصى ألم ويعيدني إلى حلقة لم أكن لاتمنى أن أعيش فيها ثانية، قدم لي العام فرصة فرح وحقيقة لا أدري ماذا أحس حيالها أو كيف أتصرف في زوبعة التناقض والهواجس والأحداث الكثيرة
قد أحفر الغد في قلبي وقد يمر كيوم عادي جدا جدا جدا وأحاول أن أرى فيه نور التفاؤل الضائع
كل عام وأنتم متفائلون

Friday, November 16, 2007

خُطار

على نافذة الطابق الثالث تسلق خطار أول الليل
عندما نلاحظهم أولا نجفل لا بل تكاد قلوبنا تقف لشدة قبحهم
يبادلوننا نفس المشاعر، جل التعابير والخطوط
نتحسن تدريجيا بعد فترة من الزمن
يزورنا خطار آول الليل ثانية دون أن نتوقع
تماما كما في المرة الأولى
لم نعد نخافهم
بل لمعت أعيننا عند رأينا الفرق
خُطار آخر الليل عودوا
بات وجودكم في نوافذنا ضرورة

Friday, November 9, 2007

ماذا لو نهضت يوما لتجد أنك لست أنت حقيقة

أظنني سأضحك
i might have done already
ماذا لو استيقظت لتعرف أنك لست أنت تحديدا ولكن نسبيا والأهم أن يغدو من المحرمات الخوض في البحث عن أنت الحقيقي
ورطة!
بالفعل ورطة

Sunday, October 21, 2007

بعض ما أتى في تدوينات إنسان



يمكن الافتراض أن هموم الأمة العربية، خاصة في هذه المرحلة، من أكثر هموم العصر كثافة ومأساوية.‏‏‏‏‏
لا شيء في مكانه الطبيعي أو الصحيح، ولا شيء يستند إلى قاعدة أو منطق؛ إن الاشياء في حالة من التداخل والاختلاط والتناقض تصل حدود الفوضى المطلقة.. أو تشبه المآسي الإغريقية العابثة والقدرية، هل هي حالة فريدة وهل هي مرحلة طارئة لا بد أن تنتهي مثلما حصل لشعوب أخرى كثيرة ؟‏‏‏‏‏
إن الأمرين معاً: وقد يكون هذا أحد عناصر المأساة، خاصة في هذه الفترة من عمر البشرية.‏‏‏‏‏
لقد عانت شعوب كثيرة من الاستعمار والاستغلال والاضطهاد، وعانت شعوب أخرى من التجزئة والإنقسام، لكن لو حاولنا المقارنة بين واقع الأمة العربية، في هذه المرحلة وواقع أية أمة أخرى نجد الفرق كبيراً جداً.‏‏‏‏‏
أية أمة أخرى على وجه الكرة الارضية تعاني من هذه الهجمة العنصرية البربرية المتمثلة بإسرائيل؛ جنوب افريقيا؟ ولكن جنوب افريقيا لا تزال تحمل على أرضها ذلك الشعب الذي يصارع أقلية مستغلة ولا بد أن يقهرها ويتغلب عليها يوماً ما لكي ينهي الاستغلال والاضطهاد.‏‏‏‏‏
أما إسرائيل فإنها شيء آخر، شيء خاص، وهذه الخصوصية تعطي المشكلة حجم المأساة ، تجعلها مختلفة عن أية حالة أخرى.‏‏‏‏‏
أية أمة أخرى تمتلك هذا المقدار الكبير من الملوك المتوجين وغير المتوجين. والذين يملكون كل شيء ولا تملك شعوبهم أي شيء؟‏‏‏‏‏
في إفريقيا؟ في جنوب أسيا؟‏‏‏‏‏
إن أية مقارنة بين ملوك وممالك تلك البلاد وما نراه هنا تظهر الفرق الكبير.. هناك الممالك والملوك إلى الزوال والانقراض... وهنا الملوك والممالك ينبتون كل يوم ويتضاعفون عدداً وثروة.‏‏‏‏‏
أية أمة أخرى تمتلك هذا المقدار الهائل من الثروة ولا تعرف سوى الاستجداء والركوع والتوسل؟‏‏‏‏‏
في أمريكا؟‏‏‏‏‏
ولكن، في تلك البلاد، رغم الاستغلال والقهر، فإن الشعوب قادرة، بعض الأحيان على أن تنتزع رؤوس ملوكها الأثرياء.. وحتى ملوك تلك البلاد قادرين على التمتع بثرواتهم بشكل أفضل آلاف المرات من أولئك الذين يحملون معهم قربهم وإبلهم ويذهبون إلى أوربا كل صيف لكي يفركوا أصابع أرجلهم ويتثاءبون ثم يذهبون إلى الجوامع والمواخير، ولا يعرفون هل يضاجعوا هنا أو أن يصلّوا هناك!‏‏‏‏‏
هناك آلاف القضايا التي لايمكن فيها المقارنة.. إن العرب أمة من نوع خاص. هل هي عنصرية؟ هل هو الحقد؟ هل هو التشاؤم‏‏‏‏‏
لقد وصلت جميع الشعوب إلى مشارف القرن العشرين، حتى شعب التيبت في أقصى جبال الهيمالايا يعرف الكثير الكثير عن هموم وشجون العصر، والعرب، رغم أنهم في مفترق الشعارات أو في نصف الأرض كما يقال فإنهم لا يعرفون إلا القليل القليل عن العصر الذي يعيشون فيه.‏‏‏‏‏
إن شيئاً ما فقد توازنه في الطبيعة، أصبح غير حكيم وغير ممكن. وإلا كيف نفسر ما يجري تحت أبصارنا وحولنا؟ كيف نفسر الجنون والسادية والتسليم الكلي للأعداء؟ إن الكلاب والقطط وجميع جنس الحيوان ترفض أن تكون ذليلة بهذا المقدار. وهي تعض اليد التي ترميها بحجر. فما بالنا نحب الذل ونقبّل اليد التي تصفعنا؟‏‏‏‏‏
ما بال الناس وقد كشفوا عن مؤخراتهم. مثل السعادين. وأخذوا يفاخرون الآخرين بهذا المنظر و يضحكون مع الآخرين ببلاهة؟‏‏‏‏‏
ما بال الفقراء قد استكانوا إلى هذه الدرجة ولم يعودوا قادرين على البكاء إلا خفية وتحت جنح الظلام؟‏‏‏‏‏
ما بال المحاربين يرمون أنفسهم بالنار بعد أن يئسوا من كل شيء ويرون كل ما حولهم يحترق ويتدمر ولا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً؟‏‏‏‏‏
ما بال الملوك والحكام لا يكفون لحظة واحدة عن الصراخ بالكلمات الكبيرة ويتحدون شعوبهم في كل وقت، ويخافون من كلمات صغيرة يحملها سفير دولة مجهولة؟‏‏‏‏‏
الفقر والذل والحاجة والموت اليومي والاستجداء والصراخ والبكاء والتناسل.. وأخيراً الموت الكلي ولا أحد يرفع صوته، لا أحد ينادي أو يقول كفى؟‏‏‏‏‏
ليس هناك أمة مثل العرب.. يجب أن نعترف ونسلم.. ويجب أن يكون الاعتراف بصوت عالٍ وأمام جميع كهنة العالم.. ويجب أن يكون التسليم أكيداً وراسخاً لأنه بداية سلوك الطريق الآخر. أما المكابرة والعناد، أما اتباع طريقة النعام، أما الادعاء الرخيص المزور فإنه يقودنا إلى مزيد من المهانة والذل والانتظار.. إنه طريق هزيمتنا الحقيقية..‏‏‏‏‏
ألم نهزم بعد؟ نعم لم نهزم.. قد يهزم جيل، قد يهزم قادة، قد يهزم ملوك أما الناس فإنهم لا يستطيعون أن يهزموا.. نعم لا يستطيعون. حتى لو أرادوا.. تفاؤل؟‏‏‏‏‏
لا.. إنها طبيعة الحياة، قانونها.. اتجاهها، ولا يمكن أن تغير الحياة طبيعتها أو قوانينها أو اتجاهها من أجل مجموعة من القردة الممسوخين.. نعم لا يمكن أن تغير الحياة، حتى لو دفعوا لها جميع أموال النفط وجميع معادن الأرض.. إنها مستقلة وبمعزل عن إرادة هؤلاء ..‏‏‏‏‏
تفاؤل أيضاً؟ يمكن أن يسمى هذا الشيء، أي شيء.. لكن الاسم الحقيقي يبقى هو الاسم الوحيد.‏‏‏‏‏
إنه صراخ في ليل عميق‏‏‏‏‏
هكذا يمكن أن يلخص الوضع كله، ولا شيء غير ذلك.. إنه أولاً ليل.. وإنه ثانياً طويل.. وإنه أخيراً صراخ، لكن كل ليل مهما كان طويلاً لا بد أن ينتهي، وكل صراخ مهما كان خافتاً، يمكن أن يسمعه في النهاية أحد ويستجيب له.‏‏‏‏‏
هل هي لحظة غضب؟ توتر ؟ تشاؤم؟‏‏‏‏‏
أكاد ألمس الصبح بيدي الإثنين، وأكاد أرى جميع التفاهات التي تغطي الأرض العربية تنزلق بسرعة نحو المراحيض.. وأكاد أسمع أصوات الأجنة في بطون الأمهات يتنادين بأسماء وكلمات أكثر وضوحاً وأشد قوة من كل الصراخ الذي يملأ الأجواء العربية في الوقت الحاضر.. وأكاد أرى جماجم جميع الملوك وقد أصبحت جافة لفرط ما مر عليها من الزمن.. أكاد أرى كل ذلك بعينيي‏‏‏‏‏
أحلم؟ يمكن أن تقولوا إنه الحلم.. ولكن كثيراً من الآحلام هي التي غيرت الواقع. خاصة إذا كان الحالمون رجالاً أقوياء. يستطيعوا أن يترجموا الحلم إلى فعل.‏‏‏‏‏

ساعة غضب

عبد الرحمن منيف


أعتقد بأنني سأسمح بنقل نص في مساحتي الخاصة لأنه يستحق ذلك

وأعطي نفسي الحق بأن أهديه لكل إنسان يؤمن بإنسانيته ويعتقد بأنها كنزه الأغلى‏‏‏‏‏

Friday, October 12, 2007

وقعهُ جميل

قبل أن أغمض أعيني قررت بأني سألتقيه قبل الفجر بقليل
يعذبنا الشعور كثيرا عندما نحاول رسم صور "للمحرمات" ولكني قررت أن أخترقها قليلا سيما أنه لم تكن لدي نوايا سيئة أو ما شابه
سألته أن يوقذني قبل الفجر لأشاهد سحره الذي رسمته على مدى أسابيع، بحيث أني كنت أؤجل ذلك الموعد وأستعد له، أتدرب على التركيز والصبر والإيمان بأدق التفاصيل، ارتجفت فرحا قبل أن أغط في نومي
لم يخالف الموعد وهو كذلك دائما، لم أطلب إليه ذلك يوما إلا ولبى لي ذلك، قفزت جالسة في سريري انتظر حضوره المقدس
أسندت ظهري إلى مقدمة السرير وأرخيت أضلعي جميعها ولم تظهر له أو للفجر أي علامات بعد
رويدا رويدا يجتاحني سلام وأعرف أني على بعد دقائق منه، أضع يداي على قلبي وأحس بطاقتي الداخلية تنتقل وتنتظم ويزداد شعوري بالسلام وكانت تلك المرة الأولى التي أحب فيها السلام حقيقة أو أنني أختبر له معنا آخر بكل ما تحمله الكلمة من معنى،
دواليب أو تيارات حارة في يداي وأذناي اللتان التقطتا وقع صوت وسط جميع التفاصيل المحيطة في الخارج، لم يكن من الصعب أن يحصل ذلك فالنافذة ملاصقة
وفي حين تبدأ التفاصيل بالتحرك تدريجيا كأن أنفاسه تقترب أكثر، النسائم وكل شيء
السكينة تهبط علي ويرتفع صوت الكون الذي استيقظ، تحدث طائران كنت أحب صوتيهما جدا ولم أسمعهما مذ وقت طويل، تحدثا فوق شجرة الصنوبر التي اهتزت عروقها بهدوء لا يمكن تصور نعومته، يا ليته يصل حتى أفتح عيناي ويقدر لي أن أرى العصفورين وعضون الصنوبر،
عندما أعتقد بانه قريب وبأنه اكتفى بمسافة أو ما شابه تقرر جفوني أن توقف سترها للنظر، وما أن انفتحت أعيني حتى دخل قلبي ولم أمتلك نفسي
لا أدري إن كان شعورا بالذهول أو الفرح أو الإيمان أو السكينة أو السلام أو كل ما ذكرت الآن وسابقا معا لكنه كان ساحرا بأضعاف القدر الذي خلته
في لحظة كهذه لا يمكن أن نحبس أنفسنا عن عدد من الأمور التي تحدث بل ونرتاح نحن لحدوثها ونواصل الخوض بها
عندها وبعد أن تنهدت أوشحت بناظري إلى أعلى الشجرة، لم أجد العصفورين، نظرت إلى الأغصان فاهتزت بذلك الهدوء ، حينها أدركت بأنه لا يجب أن أراها لأشعر بها وأحسها بقوة وتبادلني الخير أو الحديث وحتى هو لم أراه ليس لأنه لم يأتي فقد عرفت ما معنى أن يكون دائما هناك ومعنى أن أشعره أنا
أحبه وأؤمن تماما بأنه يحبني كثيرا وإلا لما حدث كل ذلك

Tuesday, October 2, 2007

15/11/2007 فلسطين على موعد

مبروك فلسطين
سندخل التاريخ من جديد ولكن لا أدري من على أي منصة، في 88 حملوا البندقية وغصن الزيتون واليوم أسقطوا البندقية ولا أدري إن كان بإمكانهم حتى أن يحصلوا على شتلة زيتون... أما زلنا نحلم بأرض أو حق؟
15/11/2007
سنمحو إلى الأبد ذكرى الاستقلال من أجندتنا وسنخط مكانه حاضر سلام (الجشعان) ويا فرحتنا باللي باعوا البلد ، زلام والله
لن يغسل الشتاء زوابع وفوضى الخريف لأن الوطن لم يعد أرضا بالأساس بل تحقق الشرط وسكن قلوبنا
مع تمنياتي أن تتعثر طريق الجشعان

Monday, September 24, 2007

هوس معجون الأسنان

في الصباح وأنا أنظف الوعاء الذي يحتوي فراشي الأسنان والمعجون لاحظت بأن الوعاء قد انتهى تقريبا وتذكرت أنه الشيء الذي أقف في "السوبرماركت" مدة طويلة أحاول تذكره وأنساه في كل مره...
ليلة البارحة نظف الجميع أسنانهم وناموا إلا أنا ووالدي، دخلت الحمام، حملت فرشاة الأسنان والمعجون، تبا، سأنظف أسناني حتى وإن اضطررت لعصر الإناء،
أسناني نظيفة وتملؤني راحة نفسية
غفوت سريعا واستغرقت في أحلامي أو كوابيسي
حلمت بأنني دخلت الحمام وأنني وجدت إنائين من المعجون، القديم وقد بقي به القليل وإناء فضي جديد أيضا،
حمدت الله في حلمي وزال عني هم ثقيل
حلمت بعدها وفي عملية انتقالية غير مترابطة بأنني أنام في سريري ويؤلمني ضرسي ألما شديدا ولا أستطيع الغفو
صحوت في الصباح
لا معجون! .
ذهبت إلى الدكان لأشتري عددا من الأغراض الضرورية
وقفت حوالي 10 دقائق وأقول لن أخرج قبل أن أتذكر شيئا أحس بأني نسيت شراءه
بدأ صاحب الدكان يرمقني وكأنه يريد أن يخاطبني قائلا: مطوله الوقفه، شو طلع معك كم من علبة في على الرف
لم أستطع التذكررر
خرجت من الدكان وأنا أعيد حساباتي وأستخدمت طريقة من النهاية إلى البداية في استرجاع الأحداث
ولكنني كنت أحوج إلى استخدام النهج المعاكس هذه المره
جلست في المنزل ومع انشغالي بعدد من الأمور نسيت الأمر
فجأة ودون أي سابق إنذار لمعت الصورة
صورة معجون الأسنان
الشيء الذي لم أتذكره
عندما نسيته تذكرته
تحدث معي كثيرا، عندما نصمم أن نتذكر الأشياء ننساها
وعندما نصمم أن ننسا الحوادث أو الأشياء لا تغيب عن أذهاننا لحظة وتبقينا نلوب في أماكننا حتى أننا أحيانا نستفز من أنفسنا ونغضب!

Sunday, September 23, 2007

أخبار الصباح اللي بعد امبارح

أخبار اليوم مبهمة وغريبة وغير مطمئنة
في خبر سريع غير واضح أبدا
تصريح عن القصر الملكي الأردني بنية منح 90 ألف مواطن مقدسي فلسطيني جوازات سفر أردنية بهدف حماية المدينة المقدسة من خطر التهويد الذي يتهددها
انو شو دخل طز بمرحبا؟
في خبر تاني أظن وإذا ظني ما خانني في منتصف تموز
نفى ياسر عبد ربه تصريحات صادرة عن مكتب أولمرت بنيته السماح لقوات أردنية متخصصة في مكافحة الإرهاب للدخول للضفة الغربية (جيش البادية) واللافت للنظر أنه تم تحديد عدد أفراد المجموعة ولا أذكرها
كمان خبر من كم من يوم
اسرائيل تعلن غزة تجمعا معاديا وأميركا تدعم
ومن ليلتين
السيد الرئيس الله يديمه حارسا للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني المناضل على هذه الأرض الطهورة، المهم أنه يبارك قرار قادة فتح الغزيين للرجوع إلى القطاع ويشد على أياديهم
عجيبة اللي بيسمع ما بيقول انهم أول من ترك غزة مع بداية الأحداث المؤلمة
انو شو عدا ما بدا؟!؟!

Saturday, September 22, 2007

أخبار على الصبح

أخبار هذا الصباح:
- المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تعلن رسميا وصول 117 فلسطينيا وافدا من مخيم الرويشد على الحدود العراقية للبرازيل في خطة تضمن توطينهم "مجددا" ونيتها إغلاق مخيم الرويشد نهائيا خلال شهر أيلول...
ومصدر آخر قال: "إغلاق ملف مخيم الرويشد نهائيا"
ملاحظة من عندي: طبيعي نهر البارد كمان ودع ويعطيكم ألف عافية... وبصراحة مش قادرة أعلق

- رايس في المنطقة و.... المهم أنها تبذل جهودا حثيثة لاقناع العاهل ال***** بالمشاركة في مؤتمر "السلام" المتوقع عقده الخريف المقبل لصياغة سياسات تقوم على دعم التعاون المشترك مع اسرائيل، ألخ ألخ ألخ...
كمان ملاحظة من عندي: نظرا لحرصي على ألا أمنع من دخول أي دولة عربية "عزيزة شقيقة" لن أذكر اسم العاهل بصراحة ولكن أود أن أطلب إليه التخلي عن سياسة "نفسي فيه وتفو عليه" عشان عيب يعني، صارت طبخة بايته، ومش
ضروري تتقل كثير على المراة ما اسمها إلا قاطعة كللللللل الطريق من أميركا وهازة طولها وجاي
بايعينها بايعينها

Tuesday, September 18, 2007

واحد شاي بس مزبوط

اليوم وأنا أتناول كأسا من الشاي تراءات لي عشرات الأفكار والذكريات في البخار المتصاعد عشوائيا أحيانا وباتجاه معاكساتي أحيانا أخرى
أعاكس بخار الشاي؟! وما ألذ الشعور... استغرقت في ذلك وجعلت أمضي على جنح فكرة في كل مره حتى وصلت إلى سكه أو سكا
أحسست بحنين كبير إلى طبيعية سكا وأصالتها وإلى ذلك اللون الأبيض، وإلى تلك اللحظات التي حاولت فيها أن أعيش لحظات وجودي في مكان أعرف أن أجزاء مني تعانق ترابه... يال طهر الأشياء قبل أن يمسها بشر، وما أطيب الشاي البدوي الذي يميل لونه إلى الخروب وطعمه إلى العسل، علما بأني اليوم في غير سكا أحب شايا عاديا خفيف السكر... أضحك عندما أستذكر صدمتي وذهولي أو كميات التركيز الكبيرة التي كنت قد استخدمتها عند الاستماع إلى أحاديث الجدة نواره، وتفاجئي عندما تصمت وتنتظر مني جوابا لسؤال أكتشف متأخرة ماهيته... وأرتبك محاولة الاستعانة بمن حولي لترجمة بعض الأفكار... وكأنني من هونولولو أو موريشوس فتنهرني الجدة سريعا وتقول "ما تفهميني؟؟؟؟" فأبدا بالتساؤل سريعا عن بعض المرادفات التي لم أستطع تحليل أصولها فتنفتر عن ثغرها ابتسامة ذهبية، وتلمع عيناها فأتصور للحظات بأنها كانت أجمل فتيات القبيلة في وقت ما... تشرح لي المعاني من خلال قصص وأحداث وتستغل كل لحظة لتلقنني درسا في شكل حياتنا وفي تقاليدنا وعاداتنا.... تربت على كتفي وتضمني أحيانا وتستعيد في رائحة جدي وأخاها البعيد
أذكر أننا حين تحولقنا حول الدلة والكؤوس عم الصمت والجدة لم تتحدث وكأنها تريد لنا أن نعرف درسا غاب عنا حين سقفتنا بيوتنا وابتعدنا عن طبيعتنا الأولى... بصراحة كنت مترددة في بداية الأمر عندما جلسنا وظننت بأن حديثا يجب أن يدور ولكن شكل الجدة أخذني بحيث كنت أراقب توجه نظرها وأحاول التركيز وبدأت حينها أفهم لماذا أجلستنا هنا بالتحديد، على طرف الجبل ومقابل جبل وبجانب جبل، الأشياء صادقة صريحة واضحة بيضاء لكنها ليست الجنة
جلسنا وقتا طويلا هناك وبدأت أتساءل في صمت عن الزوايا وعن أمور تخص شكل الحياة قبل أن تتحول سكا إلى قرية ويتحول فيها البدو إلى الطابع الريفي أكثر، أين يمكن لجدي ان يكون ولد، أترى هنا؟ أم أنهم لم يمتلكوا أرضا أصلا وكانت حياتهم ما تزال قائمة في ذلك الحين على الترحال والتنقل؟؟؟ هل أتمنى أن أعيش هنا، لا أظن، فأنا لا يمكن أن أتأقلم بسهولة مع الطابع المحافظ بمفهومه التقليدي، ولكن الأشياء هنا طبيعية إلى حد كبير، بسيطة وتحتم على الإنسان ابتكار أدواته وتلبية حاجاته وهنا تكمن اللذة، اكتشاف الأمور وعيش الدهشة الأولى أمام ذلك، مهما تكن الحياة صعبة إلا أنني أحيانا كثيرة أتمنى لو أن أكون هناك ويصقلني بياض الأشياء
ما أعظم أن لا يملك الإنسان شيئا أو أن يصل إلى مرحلة يدرك خلالها جيدا أنه قادر على العيش دون أن يمتلك شيئا إلا نفسه

Saturday, September 15, 2007

إليك عبد الرحمن كلمات وحسب

عزيزي عبد الرحمن،
اشتقت إليك كثيرا وأحس بوحدة أكبر في غيابك، فمجرد عدم وجودك يشعرني بالعري والبرد أحيانا وبالضياع أحيانا أخرى
لم أكتب إليك حين كنت رفيق هذه الدنيا وربما لا أستطيع اليوم أن أتخلى عن حاجاتي المجنونة للكتابة إليك، قررت أن أكتب لحصة حتى أسألها عنك المزيد فأبدد الأحاسيس الغريبة التي أشعر بها...
كنت قد حصلت على بريدها الالكتروني من إحدى زميلاتي التي يعمل والدها لدي زوج حصة في الرياض وعرفت بأنها تنتقل بين دمشق والرياض ولا أعرف ماذا أقول لها أو كيف أبرر أسئلتي الكثيرة عنك وأشواقي إليك... بحثت عنك كثيرا حتى أنني قررت السفر إلى سوريا لأعرف المزيد عن آخر أيامك، لكنني عدلت عن الفكرة وأعتقدت أنه يجب أن أفهمك أكثر، لا أدري إن كان المصطلح صائبا فأنت أوضح من أن أنهك نفسي في فهمك ومشكلتك الكبرى أنك شفاف ولا تعرف تلوين الأشياء، عجبي أن الوقائع باتت تذهلنا اليوم وأنت عندما كنت تدخلنا في أدق تفاصيل الحوادث تفتح لدينا أفق واسعة، أضحينا نعرف عن أنفسنا حقيقية شائكة، مفادها أننا بشر وأناس تحديدا، أتدري كيف اجتمعنا لأول مرة؟ أعرف أنك على يقين بأنه كتاب ولكن الواسطة كان نفسا صحراويا وحين كان ثلاثتنا هناك وابتلعتنا أصولنا أحسست بك وودت لو أني التقيك كيفما كان... عبد الكريم حدثني عنك وكأنك أكثر من أخ وزاد من شغفي إليك، مذ ذلك الحين أصبحت منكبة على البحث في كل قصاصة ورق وكل كلمة وفاصلة وحرف تعنيك، بدأت من النهاية إلى البداية وأنت هكذا بدأت أيضا وبالمناسبة أود أن أعلق على نهج "النهاية إلى البداية"، معقد قليلا ولكنه مسل وذكي في الوقت ذاته، حاولت أن أجربه مرة أو اثنتين لكنني لم أركز فيه كثيرا، ماذا عن الأولاد عبد الرحمن؟ التقيت شابا سوريا قبل عدة أشهر وسألته عنك عله يفيدني قليلا في معرفة المزيد، تقتلني طريقتك في كشف كل المكشوف وإخفاء ما أعشق أن أعرفه،،، أقدر أنك كنت تجد متعة في البحث عن الأشياء وهكذا تريد أن تعلمنا ولكنك ذهبت بسرعة، ترى من كان إلى جانبك أيامها؟ هل كان مزاجك سيئا؟ هل كتبت؟ أعني غير أمنيتك بأن تعيش لسنتين أخريين، مؤكد ليس لأنك تحب أن تعاشر عهر الدنيا ولكن لتقول ما كان يجب أن يقال، هل أخبرت أحدا عن ذلك؟ لماذا لم يخبرونا؟ أنا في انتظار "الباب المفتوح"، لم يسرق أحدهم الطبعة الأولى من الكتاب بعد وبالمناسبة لقد كنت أول من أدخل طبعة أسماء مستعارة إلى البلد، ولدي منه نسختين، شاءت الصدفة أن أجده في الدار الأهلية في عمان وأن يهديني طبعة أخرى صديق عرج على دمشق فعدت إلى العمل بعد عمان وأنا أحمل في حقيبتي الصغيرة الأسماء المستعارة وحين دخلت المكتب وجدت نسخة أخرى متروكة على لوحة المفاتيح... سعدت كثيرا بها وبك وببداياتك الساذجة، أحبتت تفاصيلها التي تشبه حياتنا، كما عودتنا، تكتبنا لنقرأ أنفسنا ونفهمها... ليس هذا كل ما أود أن أقول ولكنها مجرد كلمات لاحت في ذهني وقلبي معا، جرحتني الأحداث الأخيرة على الساحة وحاولت أن أقرأ العراق ولكنني أعرضت لشعوري بقرف شديد، آه ه ه ه يا عبد الرحمن كم أود أن تكون هنا اليوم لتخفف عني قليلا ويغيب الضياع ، آه كم أحتاج إلى مجرد الشعور بدفئ وجودك وربما لذلك أبحث عن أي قطعة تخصك
نم قرير العين عزيزي فكل ما ذكرته يوما نحن نطبقه بحذافيره ولا تقلق بشأن الشرفاء فلن يطيلوا الغياب وسيلحقونك قريبا
أعشقك

Wednesday, September 12, 2007

أنت

في ساعات المساء وقف أمام المرآة وقد أحكم إقفال باب غرفته ليتفرد بها ويجربها
عانقها تارة وجعل يديرها تارة أخرى ويتأملها، يمرر أصابعه على عنقها الطويل وتذهب به الأفكار إلى تأمل مشاهد يكون فيها أكثر صلابة...
يقف ويطبق عليها بإحكام وتتغير ملامحه نحو القساوة تدريجيا،
يخاطب المرآة سائلا من فيها بغضب مصطنع وبصوت بالكاد يسمعه هو: "من أنت"؟
فيجيب صوت العقل: "أنا أنت"
وبتوتر لا يقل عنه في مشهد حقيقي يقول: "أنت لست أنا! ، سأقتلك..."
ردد أنت من المرآة: "سأقتلك"
ووسط توتر الموقف وتعاظم شحنات من الجنون والعصبية، لم يستطع "أنا" كبح جماح نفسه، فضغط الزناد وانطلقت الرصاصة نحو "أنت"، ارتدت عبر زجاج المرآة، وفجأة اختفى "أنا" حتى قبل أن يختفي "أنت" بلحظات.
23 آب 2007

بعض النظرات... بعض الضحكات

بعض النظرات ننساها وبعضها تعلق ونستعيدها فتثير بنا زوبعة لا تنتهي،
أحاول أن أفهم نوع القوة المغناطيسية التي استخدمها ذلك الطفل أو الشاب ليأسرني منذ تلك الليلة وبعدها...
أعرف أني التقيتيه غير مرة ولكني لم أولي اهتماما لوجوده أبدا، فالتواصل معه لم يتعدى ابتسامة مشفقة كنت أرسمها على وجهي بصعوبة، لم أنظر إليه إلا كطفل أو كأي قطعة أخرى في ذلك المنزل...
كنت أزور صديقتي من فترة لأخرى، لم تخبرني يوما بأن لديها شقيقا ولكني فوجئت به لدى زيارتي الأولى لبيتهم.
في بادئ الأمر بادرت بإلقاء التحية وعندما اكتشفت الأمر صدمت حقا وتجاهلت الموضوع كليا، قذفت بأي فكرة كان من الممكن أن تقفز إلى مخيلتي إلى زاوية بعيدة من رأسي الكبير –الكبير حجما- قذفت بها كأي مساحة بيضاء أمارس عليها لعبة قتل الأفكار لكي لا أستعيدها مجددا.
كيف كنت غبية ولم أفهم ما حاول أن يقوله ذلك الطفل الذي يصغرني بعامين أو ثلاثة أعوام على الأكثر، وكيف يمكن لي وشقيقته أن نكون بهذه القصوة؟ فأنا التي اشتركت في عدد من ورشات العمل التي تدعم حقوق هذه الشريحة بالذات لم أتقن سوى اصطناع ابتسامة ليس إلا، ولكنه عرف تماما كيف يرد لي ذلك ويصطنع ابتسامة أقرب إلى الاشمئزاز والحياء والاعتذار في آن واحد..
عندما زرت صديقتي في المرات السابقة، لم يكن مسموحا لشقيقها بأن يتناول الطعام معنا أو حتى أن يجالسنا، ارتحت أنا لهذا الإجراء ليس لأنني لم أتقبل شقيق صديقتي بل لأنني لم أستطع تقبل إعاقته البسيطة.
شقيق صديقتي يعاني من إعاقة عقلية أثرت على نطقه وعلى حركته إجمالا.
رأيته ثلاث مرات أو أربع، في المرة الأولى صدمت لوجوده وفي الثانية لم أعبَره وفي المرة الرابعة لم ألحظ وجوده أصلا على الرغم من التزامه المنزل.
أما هذه المرة وعندما وصلت لعيادة والدتهم المريضة فقد خرج لاستقبالي ووالدتي أيضا، فرحت لرؤية والدة صديقتي جالسة في البستان ووجهها يشع نضارة على الرغم من كميات الحزن التي لم تفارق عينيها قط، وما أن انحنيت أقبل وجنتيها الورديتين وأدعو لها بالسلامة حتى فُتح الباب الحديدي للمنزل فجأة ليطل منه وجه شادي مليئا بالفرح، استقبل والدتي بحفاوة لا توصف حتى أن الكلمات وإن لم تخرج من فمه سليمة، خرجت من عينيه الرائعتين صادقة تتوجه إلى القلب مباشرة.
سررت لرؤية شادي أو أسعدتني ابتسامته التي تغلغلت إلى أعماق داخلي..
خرجت كلماته ثقيلة من بين أسنانه وقال لأمي وهو غاية في البراءة: "أنا أعرفك، أنت فدوى" فأجابته أمي بحنان كبير وسألته عن حاله ومقدار اشتياقه لها، فأجاب بسرعة بأنه يحبها كثيرا ويذكر أنها كانت توصله بسيارتها إلى المدرسة التي يكرهها!.!.أردت في تلك اللحظة أن يحدثني أيضا أو يقول أي شيء ولكنه وعندما أصبحت وقفتنا مواجهة صمت وغابت عن وجهه تلك الابتسامة المتلهفة، ما زلت أقع تحت تأثير وجوده الذي عج به المكان وبالتالي ابتسمت بصدق تلقائي أيضا، صوب نظره إلى عيني مباشرة وبجرأة لم أعرفها من قبل، نسف أي قدرة لي على الكلام، لا أدري إن كنت قد انتظرته ليتكلم ولكنه بابتسامة اعتذار صغيرة انسحب.
ركض باتجاه السلم وصعد إلى البيت مسرعا ثم نظر إلي ثانية قبل أن يطأ العتبة وضحك برعونة طفل ونشوة ثمل.. تسمرت أرجلي واقشعر بدني وأظن أن عيناي تكورتا بشكل لافت للنظر الأمر الذي جعل والدته تدعوني للدخول ورؤية نانا –صديقتي- أظن أني تحركت بسرعة وغباء في تلك اللحظة نحو الباب السفلي للمنزل، دخلت وتمنيت لو تبتلعني كل الأشياء.. مشيت في الممر الطويل الموصل إلى غرفة الجلوس وسط الموسيقى الصاخبة التي تستهوي نانا كثيرا ويضج بها المكان، صادفتني مرآة في الممر، وقفت أمامها أحاول لملمة أجزائي المبعثرة، فباشرت أصابعي في ترتيب شعري الكثيف واكتشفت أن عيناي تهربان من المواجهة لأن النظر فيهما يعني استعادة صورته واستعادة لقاءي الأول بشادي الذي اعتبرته مسكينا ومعاقا ليس إلا..أنقذني خروج نانا من الحمام وقطرات الماء تتساقط من شعرها وكأنها خيبتي..استقبلتني بحب كبير وغمرتني، كرهتها في تلك اللحظة، فهي لم تدعني أحب أخاها يوما ولم تحاول أن تفتح مجالا لأي نوع من التواصل بيننا، فصممت على ابعاده.
في زياراتي السابقة كانت تدخلني إلى غرفتها وتقفل الباب وتوصي والدتها بأن يأكل شادي قبل أن نأكل نحن وألا يقتحم الغرفة علينا، مع العلم بأننا لم نقل الكثير من الأمور المهمة ومع هذا كان يطرق الباب دائما محاولا الدخول إلى عالمنا ومشاركتنا الأحاديث وتناول رقائق البطاطس أو القمح...كانت طرقاته لا تنتهي إلا إذا طلب والداه منه تأدية مهمة ما، وأما عندما يأتي موعد تناولنا الطعام حسب توصيات نانا، كان شادي يُجر إلى غرفته وترافقه والدته.. كم كنا حمقى عندما أوصدنا أبوابنا في وجهه، كم قتلنا فيه من رغبات عظيمة وكم قسونا على أنفسنا نحن حين أخترنا الابتعاد عن عالمه البسيط المعقد.
واليوم يضحك في وجهي ضحكة اعتذار لأنه يتواجد أمامي!! حيث لا يجب أن يكون!.. وضحكة اشمئزاز لأني رفضته أصلا أو لم أمنحه فرصة أن يؤمن بنفسه كإنسان..
من غير الممكن لي أن أنسى صورته وهو يركض في الممر الطويل ملبيا دعوة نانا لأن يساعد والدتهما في حمل طبق خشبي... إنسان يتحلى بكل ما تحمله الكلمات من معنى، بالصدق والبراءة والشجاعة والذكاء والقدرة على إدخال الفرحة إلى القلوب بابتسامة سحرية.
نظرة الشفقة تلك لا تناسبه ولا مدرسة ذوي الاحتياجات الخاصة التي يذهب إليها أيضا، فكي لا يضطر للبكاء في كل صباح لدى ذهابه إلى ذلك المكان ولا تضطر والدته لذرف الدم بدلا من الدموع، يجب أن يرافقنا إلى كل مكان، إلى السوق والمقهى وأماكن عملنا أحيانا وإلى مركز التأهيل والتطوير أحيانا أخرى.
رفضه بأن يُسجن في قفص قضبانه خجل وقفله بحث عن "راحة البال" كما يسمونها أو تعب البال كما أسميها، رفضه واضح مع كل ضحكة، مع كل مرة يعانق فيها والده لدى وصوله من العمل، مع كل احتجاج وثورة يطلقها بمجرد أخذ القرار لعزله، مع كل مرة يقدم فيها يد العون لوالدته وأخته في المطبخ وتنظيف غرفة الجلوس، مع كل مرة يمنح فيها كتفه لجدته المسنة كي يعينها على المشي ومع كل مرة يهبنا فيها جسده وروحه بصدق..
شادي قد يبدو غريبا ولكنه من أجمل ما حرك في داخلي هواجسا وزوابعا لا يُسكَنها أن تكون شريحته ممثلة على قائمة الحركة الفلانية لوصول نسبة الحسم وحسب أو أن تفتح عشرات المؤسسات أبوابها لهم سواء بهدف تطويرهم أو تدميرهم عن غير قصد. هم طاقة آن لها أن تستثمر وتساهم في العطاء لهذا المكان، على الأقل أن لديهم الكثير مما يقدمونه وبكل صدق.
2005

Tuesday, September 11, 2007

أعتذر منك يا وطن...سأهاجر

ملاحظة هامة جدا جدا: لست أبدا في صدد محاولة تسميم أفكار أحد، لست أعمل لحساب أحد وبيني وبينكم ما حدا بيستاهل

ولكنني الآن أشعر بأني بحاجة لأن أهجرك يا وطن حتى لا أحضر مأساة أخرى تتعلق بالاستخفاف بانسانيتنا ووجودنا ها هنا،


بس معك حق يا ستي اللي استحوا فعلا ماتوا وما ضل الا قلال الحيا اللي عمت عيونهم الليرات، انو يعني حللنا نستحي شوي يا جماعة الخير، يم هيك عينك عينك بنقعد على الطاولات وبنتفاوض على مزاجهم، يعني افهم يا شعب، القبادة خلص باعت، وطلقت القضية بالتلاتة، بس الفرق انو يعني صرنا بنحكي بكل صراحة ومش مستحين اليوم، الاعلام بصرح انو في جعبة ولاد عمنا عرض بتضمن تسليم أجزاء من القدس وقضية اللاجئين في الباي باي وولاد ال**** موافقين وتجاوزوا ضمنيا قضية الجدار، مصادرة الأراضي والحقوق وغيرو وغيراتو،

بس بتعرفوا غيرت رأيي وضمنانه مجموعة كبيرة من اللي لازقين في تراب الأرض وطقوا وموتوا يا عبادين القرش

Thursday, September 6, 2007

عندما يرقص الناس

لماذا يرقص الناس؟ أو بالأحرى لماذا هكذا كما يفعلون؟ وهل جميعهم يحققون الهدف؟
رأيت أحدهم يرقص، كان مثيرا للاهتمام وكنت قد تابعته على مدى وقت طويل، يتثنى وتتغير ملامحه بين فينة وأخرى، لم يكن يرانا لأنه على الأغلب كان قد غاب عنا روحيا وخرج من ذاته و"ذات المكان" الذي يعج بخطوات الراقصين الآخرين، وعيون المتفرجين...
انتهت جولة أولى من الرقص وأخذ الجميع يعود إلى مكانه وقد عاد هو أيضا لكن بوقع مختلف تماما، بخلق وترفع غريبين، جلس بقربها ونظر إليها بحب دافئ، شرب قليلا من الماء وبدا هائما في حلم
عاودت الأنغام وارتفعت تدريجيا، سحبها من يدها وتحركا بخفة عجيبة، انزلقا كما ينزلق الماء العذب في تعرجات واد مهذب، لم يمضي وقت طويل قبل أن يغمض عينيه وتفعل هي كذلك ثم يصحبها حيث هو، كانا يرقصان على رؤوس أناملهما ويمضيان وقتا ممتعا في فضاءات بعيدة... يتسلقان ويدوران ويتنشقان روحا مقدسة
انتصف الليل ومضت ساعات أخرى وانتهى الاحتفال، مضى كل إلى منزله، رافق والدته إلى المنزل ورافقت والدتها إلى المنزل أيضا ورافقني قلب يخفق بسرعة خيالية وروح لم تعرف السكينة لوقت طويل

Sunday, August 5, 2007

مشاهدات

في زياراتي للمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية كنت قد شاهدت عددا من الأحداث وسمعت من الناس عددا من القصص التي لم أعرف عنها ولا يعرفها الكثيرون، قد تكون عادية وقد تكون غير ذلك تماما أما بالنسبة لي فهي مهمة جدا لأنها جزء من واقع مجتمعنا وتاريخه ولذلك هناك ضرورة لنشرها وحتى وإن كان الأسلوب بسيطا ولا يتسم بعمق التحليل أو الغوص بالأحداث، سأحاول أن أنقل الصور والمشاهدات بأدق ما يمكن ودون أي اضافات
فتاة في النصف الثاني من عشرينياتها، تعيل أسرة من 11 فردا، الأب مريض وغير قادر على الحراك والأم ستخضع قريبا لعملية القلب المفتوح، الأخ الأصغر اكتشف بأنه يعاني من أورام سرطانية موجودة على الكبد واستأصلها في مستشفى خاص تكلفة الليلة الواحدة فيه 70 دينارا أردنيا، لم ينته علاجه بعد إذ أنه سيخضع لعلاج متقدم في نفس المشفى الخاص وسيكون مضطرا لتوفير مصاريف ذلك... المشافي الحكومية في المدينة لا تقدم هذا النوع من العلاجات ومرضى السرطان مضطرون للذهاب لمستشفى خاص في الضفة الغربية أو المشافي الاسرائيلية الخاصة أو السفر إلى الأردن أو أي دولة أخرى.
للشابه أختان تدرسان في كليات مهنية في الضفة الغربية ويدبرن أقساط السكن والدراسة بصعوبة كبيرة، أختهن المعيلة تساعدهن أحيانا ولكن 370$ أمريكيا لن تحتمل كل هذه الأقساط إضافة إلى احتياجات الحياة اليومية وأقساط الجامعة المفتوحة التي تتابع دراستها بها بعد العمل.
للشابة أخ كبير متزوج ويسكن في نفس المنزل، ومنازل المخيمات لا تتعدى لان تكون ثلاث غرف أو أربع على الأكثر.
ابتدأت معاناة العائلة عند مرض الوالد ووجدت الشابة نفسها مجبرة على تحمل مسؤولية نفسها و11 اخا وأختا ووالدا ووالدة.
الغريب في الموضوع أنني عندما ذهبت إلى الميخم برفقة ثلاثة أشخاص، فوجئنا بأن مؤدبة أقيمت على شرفنا وأننا سنكون ضيوف العائلة في ذلك اليوم، ولكن ضيوفهم في مركز اللجنة الشعبية لأن المنزل لن يكون بمقامنا أو ما شابه...
اذا لم يلق بنا فلماذا يجب أن يليق بهم إذن؟؟؟
من مخيم نور شمس/ كانون أول 2006
فتاة أو طفلة لا تتعدى 14 عاما، تجلس في المكتبة الخاصة بوالدها المعتقل والتي تعتبر مصدر الدخل الأساسي للعائلة، تنتظر أخاها ليعود من الجامعة حتى يستلم العمل في المكتبة، هي تدرس في مدرسة حكومية وفي تلك الفترة كان اضراب المعلمين قد دخل شهره الثاني، الأم ترعى شؤون المنزل وتقضي بعض الوقت إلى جانب ابنتها في المكتبة،
الساعة الرابعة تغلق المكتبة وينطلقون جميعا إلى المنزل ليجلسوا حول طاولة رمضان التي ينقصها جمال الأب
الفتاة أخبرتني عندما زرتها في المكتبة بأن والدها كان يفترض أن يخرج في اليوم التالي لزيارتنا، وخلال الأسبوع كنت قد خابرت أصدقائي هناك مرارا لأطمئن عن الفتاة ولكني أعلمت ببرود بأنه لم يخرج، سألت بعصبية عن سبب برود الإجابة وأعلمت بأن حكم الإفراج عن جمال كان قد أصدر أكثر من 5 مرات تقريبا ولكنه في اللحظات الأخيرة يتم إلغاء القرار دون أسباب، جزء من الحرب النفسية التي تمارس ضد المعتقلين السياسين في السجون الاسرائيلية، وقد علمت أيضا في وقت لاحق أنه تم الإفراج عن جمال في مرة من المرات، حتى أنه ودع أصدقاءه في السجن وحمل حقيبته وركب الحافلة إلا أن شرطة السجون قبل أن تقفل باب الحافلة، انزلته وأعادته إلى السجن بدعوى وجود خطأ في الشخص المنوي الإفراج عنه...
ومن معرفتي الشخصية أقول بأن السجين إن خرج من غرفته وليس من قسمه يخضع لأكثر من تفتيش وتدقيق لهويته الشخصية
صعبه على جمال وعلى عائلة جمال الحادثة ها؟؟؟
من مخيم الدهيشة كانون أول 2007
كنت أحاول العمل ضمن فريق لقياس احتياجات الشباب في فئة عمرية محددة، جلسنا في حلقة وبدأ النقاش، لم يأخذ إلا 5-6 أطفال الموضع على محمل الجد، بينما استمر أفراد المجموعة الباقين بالقفز من جهة لأخرى وبالتعليق باستهزاء وسخرية على المشاركين في النقاش، كان من الواضح أن الاكثرية يحاولون لفت الانتباه إلى أنفسهم كل بطريقته، ومن اللافت للنظر أن أطفالا بهذا العمر كانوا قد قسموا أنفسهم إلى دار فتح ودار حماس،،، أحد الأطفال قال أن من النشاطات التي يمارسها هي المشاركة في حلقات القرآن في المسجد، فقفز أحد الأطفال الآخرين وقال (مزبوط هذا حمساوي) طبعا على أساس أنها تهمة... حمزة طفل في التاسعة من عمره، قال لي المنسق في المخيم وعمره 33 سنق تقريبا بضحكة استهزاء، حمزة تخرج من المدرسة بعد الصف الأول واليوم داير، ابتلعت الفكرة من دون هضم، لم أبدي أي اشارة وواصلت العمل، بينما نحن نتابع العمل خرج حمزة من الحلقة، وقف على يديه بطريقة بهلوانية محترفة وبدأ بالدوران من حولنا جميعا، كان من المستحيل أن أريه اهتماما في الوقت الذي كان يفترض به أن يكون أكثر التزاما
وبصراحة كتير حابه أرجع على المخيم وأعمل أي اشي بساعد حمزة في تنمية موهبته وانو برجع على مدرستو
من مخيم الجلزون تموز 2007
مجموعة صبايا عندهم قدرات فعلا ممتازة وقادرين على العطاء والتعلم، الافادة والاستفادة من جميع الفرص، في مخيمهم يقولون أنهم -حتشي وعالفاظي- ومن الغريب أن الذين أخبرونا بذلك تفاخرون بقضاء 5-6 ساعات على القهوة يلعبون الورق وذلك بسبب عدم وجود نشاطات يمكن فعلها
يعني ناس لا بترحم ولا بتخلي رحمة الله تنزل، كنت بتوقع على الأقل انهم يجيبوا سيرة فكرة جديدة أو معقول انو من خلالها يحصل سد للاحتياجات اللي تحدثت عنها الصبايا
واحد من مخيمات الضفة وبلا فظايح
صبية تحدثت وقالت: الي عم عايش بالكويت بشتري الكندرة ب 400 و500 دينار كويتي ومرات ألوف الدنانير، بيلبسهن مره ومرتين وبعدين بفرقهن، بيعطيهن أو اي اشي المهم خلص بتركهن وما برد بلبسهن، القصة انو كانوا العيلة ساكنين بأم الزينات قضا حيفا، ويوم مأجو اليهود طلعت الناس من بيوتها وقعدوا كلهم في مكان واحد اسمو سهل جنزور القريب من جنين، بوقتها ثلجت الدنيا بالأمارة سموها سنة الثلجة الكبيرة، المهم اضطرت هالناس تهج من السهل وعمي ما لقي شحويطته وطلع حافي مش كذا يوم لوصلوا لطولكرم، كبر وطلع على الكويت واشتغل والله اعطاه منيح منيح، صار زي محكيت، أقل كندرة بشتريها بكذا ميت دينار ولما رجع بأول زيارة للبلد ما رضي الا يروح على السهل اللي كان كان مسميه خربوط ووقف هناك وقال سلام خربوط
ولسه بنسمع عن أسوء من هيك!
كمان من مخيم نور شمس آذار 2006
ويتبع في وقت لاحق

Saturday, August 4, 2007

أخيرا

قررت انو ضروري لازم أخلص من هالكم من شغلة اللي فعلا تاعبين حالي من فترة مش قصيرة، بعرفش كيف بدي أحكي أو من وين بي أبدا لأنو أصلا الصور كلها مخلطة في بالي، والأحاسيس كتير غريبة ومريبة بنفس الوقت، عندي ايمان رهيب انو اذا انا كتبت اللي في بالي ممكن جدا أرتاح شوي
ما بقول أبدا انو اللي صار من 11 سنة هو السبب في كل اشي وصلنا عندو اليوم ولا بدي أحمل كل المسؤولية للفترة هديك وما بعرف ليش عم بحكي اني بدي أحمل المسؤولية لفترة على الرغم من أنو المسؤولية عادة بيحملها أشخاص وأشياء تانية
من حوالي 3 جُمع كنت بحضر التلفزيون وبالصدفة سمعت انو بدا اطلاق مجموعة من الأسرى من السجون الاسرائيلية، طبعا فرحت وزعلت وأكيد رغرغوا عيوني طول وأنا قاعدة قدام شاشة التلفزيون وبطلع على المناظر، أكثر منظر فعلا حسيتو قطع قلبي هو لما عيلة كانت مش قادرة تنتظر وصول باصات السجنا للمقاطعة وأجت على حاجز بيتونيا عشان يشوفوا بنتهم اللي تخبروا على الأرجح واحدة من المفرج عنهم، طبعا هي في الباص وبناتها التنتن مع رجال على الأرض، ما قدروا يستنوا ليفتح الباص بابه حتى، لقفها البنات من الشباك وصارت مش عارفة من وين تعبطهم ولا تبوسهم، ما بعرف اذا الكاميرا كانت قريبة ولا أنا اللي سرحت بالتفاصيل بالزيادة... ما علينا رجعتني الحادثة لثماني سنين لورا يوم ما سمعنا انو ابوي "ممكن" يطلع من السجن، اتصل المحامي فينا قبل بيومين، قال ممكن يطلع هاليومين اذا ما غيروا رايهم، طبعا عشنا أسوء لحظات حياتنا بهدولاك اليومين، ساعة يحكي يأكد انة راح يطلع وساعة يرجع يشكك، المهم بالنهاية طلع... بتذكر انو حتى في اليوم اللي طلع فيه انا رحت على المدرسة مع خواتي ومليانين أمل إنو خلص حياتنا الماضية وأخيرا بدها ترجع، الضغط بدو يتخلا عنا ويعف عن حياتنا، راح ترجع كل الأشياء اللي كنا نعملها وتبطل المسؤولية اللي كانت دابحة كل واحد فينا موجودة متل قبل، بس الظاهر انو الأحلام مش كلها بتتحقق ولا الدنيا بتيجي على قد ايدينا حتى لو كانت التوقعات أشياء صغيرة وبسيطة، أبوي قعد في السجن المركزي ثلاث سنين، طبعا السجن المركزي مش أي سجن، وأبوي تهمته ما كانت قليله وما كنا نحلم انو معقول يقضي هالمحكومية الصغيرة مقارنة بالمؤبدات والسنين الطوال، طلع لأنو ما ثبت عليه اشي من لائحة الاتهام المقدمه ضدو، بس شو الفايدة وهو صار مقضي ثلاث سنين من عمرو في السجن؟؟؟ اللي صار صار متل مبقولوا والأيام مضت بس اللي ما بيمضي وولا ممكن يروح هو كل الحواجز اللي انبنت في سجنتو، الإنسان لما بيدخل السجن بيتغير ولما بيطلع كمان بيتغير، والدنيا من جهة تانية بتتغير، واحنا بنحلم وفي الوقت اللي سمعت فيه انو الوالد خلص مروح، ما عرفت من وين أبدا أفكر، بدي أفكر اني خلص من اليوم وطالع ما راح اضطر انزل على السوق عشان اشتري الخضره والفواكه ولا انو اضيع نص نهار وانا بنضف البيت أو أراعي أخوي الصغير أو أطبخ وخصوصا لما أمي مش بالبيت، أمي كانت وقت الحمل بين الدكتور والمحامي والقضاة وشغلها والبيت وهيك وبعد الحمل صارت بالولد وبدها تلحق على الباقي كمان عشان هيك كانت مرات بتضطر لأنها تترك أخوي عندي مع العلم اني كنت صغيرة كثير ومش خرج اني احمل كل هالمسؤوليات مره وحده، خواتي كمان كانوا صغار وكان يفترض اني اشوفلهم الدراسة وألخ ألخ من التفاصيل اللي بهديك الفترة ما كنت واعية بكثرتها أصلا... ما كان في وقت أفكر بأنو الأشياء اللي بسويها كثيرة، كثير صعب مع دراستي ومناهج المدارس الخاصة والدوام المتأخر... باختصار ما ألحق أرفع راسي... بس اليوم انصدمت بأنو الموضوع ترك مكانو فجوة أكبر من اللي كنت بتصورها، بديت بعد 11 سنة أفكر في الأمور واستذكر الأحداث اللي صارت، بديت أحس الفرق وأحس قديش كان ممكن الحياة تكون مختلفة لو أنا فكرت بالموضوع بفترة أبكر من هيك، السجن أخذ أبوي ورجعلي بعد 3 سنين رجال ما بعرفوا، رجال صعب اني احكي معاه بالبساطه اللي بتحكم علاقة أب ببنتو، أبوي انسجن بمرحلة حرجة من عمري، كان قبل مينسجن بيحكي اسمي كل متنفس، بنادي علي، جيبي وودي وتعالي ولما بدو يرافقوا حدا فأنا الحدا، الأفضلية كانت إلي وكنت أموت بس أعملوا أي شغلة بيطلبها، بتذكر كنت مستعدة أعمل المستحيل عشان يكون مبسوط حتى انو مره وانا صغيره كان بدو يعطيني مصاري عشان اشتري من الدكان أغراض للبيت، طارت الورقة من ايدو ونزلت في خرابة مش معمرة بحد البيت وزي الصاروخ محسوبتكم نزلت وراها، يومها من عميان قماري وأنا مش شايفة الا ورقة المصاري دخلت حديدة أساسات البناء في عيني وللحظه هاي بقدر استرجع شكل الوجع، المهم يومها اني جبت العشرة شيكل، هاي مثل كثير ساذج وصغير وبقدر أتذكر كثير أشياء تانية ولحظات فكرت فيها انو أبوي اسطورة وأنا بنتو،
بسنين سجنوا كان الوضع صعب وكانت مطالبنا لازم تكون على قد الحال ودايما كان عزانا الوحيد الرسائل اللي بتوصل من السجن وكلها وعود عادية، بس طبعا كانت بالنسبة النا أمل بنتمنى يتحقق بأقرب وقت، كنا نمسك الرسالة ونخبيها، كل واحد يقرأها في زاوية أو يختار الوقت اللي ما في حد من حوله عشان يعرف يبكي منيح الواحد، ورقة صفرا صغيرة بيسأل أبوي فيها عن أحوالنا، بيبهدلنا اذا كنا سببنا مشاكل أو عذبنا أمي وبيوعدنا بمشاوير وانو يرجع يطلع عشان تسير حياتنا أحلى من قبل، للحظة هاي بطول الرسائل وببكي عليها، بس يمكن اليوم بس أدركت انو ما ببكي بنفس الدافع والسبب، اليوم ببكي على انسان انا فقدتوا على طول وصعب انو يرجع، انسان كان يحطني في حضنوا بالليالي ويحكيلي قصة شلفنطح والطور اللي بنطح، كل يوم بأسلوب وكل يوم بحكاية، فصة شيخ شاشوخ طيور وقصص ما بعلم فيها غير ربنا وأبوي اللي كان على الأغلب بيألفها من السما، لأنو لما كان يحكيلي القصص كان يتطلع دايما على فوق ويحكي، وأنا لما بدي يعيد فكره أقرصو باصبع رجلو اللي أضل ماسكته بالساعات زي اللي خايفة الزلمة يطير ولا يهرب، بس بيوم بالليل ضلو يتطلع على السما وما حكا ولا نص كلمة، ضليت أسأل وأبرم وأحكي ولا حياة لمن تنادي، دخلت نمت وتاني يوم أجا ابن عمي وقال عمي اخذو عن الحاجز وبيوصللكم هالأمانة، المصاري اللي كانت بجيبتو،
أخذو أبوي وشهر طبعا ما بنعرف عنو اشي، يوم تيجي الأخبار انو بالمسكوبية، يوم بالرمله، يوم في نفحا وهيك، ليوم تبلغنا رسميا انو في المسكوبية وانو لازم ناخذلوا أواعي لأنو كانلو من يوم الاعتقال ما غير... يا حبيبي على المسكوبية وقرف المسكوبية، مكان وسخ بتشوف في المنيح والعاطل، وبتسمع فيه من أحسن كلمة لأردء كلمة، غرفة الزيارة في المسكوبية، ثلاث شبابيك على وقتها، بين السجين وأهلو لوح بلاستيك مقوى مخزق وشبك حديد ومسطبه حجر يقعد عليها الكل، مش هون المشكلة، يمهون المسكوبية بجمب السجن المركزي وزيارتو،
بتذكر يوم الزيارة، كانت تسبقوا تحضيرات، انزلي يا فلانه على السوق وجيبي الأغراض اللي طلبها أبوكي وانتي يا فلانه احجزي 3 محلات للزيارة،
في يوم الزيارة الصحوة من الأربعة الفجر، بنحمل هالشناتي اللي فيها أكلاتنا وشرباتنا وأكلات وشربات أبوي وبنطلع عشان نكون على الخمسة قاعدين في باص الصليب، أمي كانت حامل وقتها وما تحب تقعد الا قدام فكنا دايما نركض ونوقف أول ناس في الطابور عشان ناخد الكم من كرسي القدمنيات، رحلة ساعتين أو ثلاثة وحسب التساهيل نكون صرنا على باب السجن، والناس كلها تنزل ركض واحنا امي تكون وزعت المهام ، واحد فينا يكون أخذ كيس الأغراض ووقف في طابور الأشياء وواحد فينا يوقف في طابور تسجيل الزوار، وهون المقلب، انو يطلع من نصيبي أسجل عددنا وأسمائنا لأنو الوقفة ما حدش بيعرف قديش بتطول، ممكن ساعة وممكن تنتين، في مكان الو واجهتين الأولى قضبان والثانية شبابيك، وطبعا شو الوقفة على الشبابيك في الفجر، مصيبة لأنو الهوا البارد بيقلب المعدة والمصارين، ولما تبدا الشمس تطلع تبدا اطس بروس هالناس والعلم ويسير العرق يسيل من قفانا... وطبعا المسافة بين الشباك والقضبان أقل من نص متر بشوي، بيجي الدور على الشباك، بتسأل الشرطية مين هذا ومين هذاك وكم واحد بيزور، بتاخد الهويات ومع السلامة، استنوا لما ينادي عليكم الشرطي عشان الزيارة،
كمان مره ملعون أبو المسطبه الحجر، لازم نقعد عليها على ما ينادي الشرطي، طبعا في ساعة الانتظار هاي الذبان ذبان والصراخ صراخ والبكا ومفاعطة الولاد الصغار، اللي بتمسح في الأرض اللي كلها شخايخ ودبق وقرف، واللي ما بيقدر يمسك حالو ومكرها بيدخل الحمام اللي عليم الله طافحة منو المي خمسة سم على الأرض، طبعا ما بدي أحكي عن الروايح ولا الرمل، اللي كان ينشف الريق والعينين، اذا كنا نكون محظوظين والناس ما سبقت علينا في تسجيل السجنا هينا بندخل في الفوج الأول واذا ما دخلنا في الفوج الأول بكون أكبر خازوق لانو ساعتها بدنا نستنالنا شي كمان ساعتين لنزور،،، الشرطي نادى، الكل وقف يستنى اسمو، قبل ميروح دورو، يلا بسرعة أمي تبدا تلملم فينا وندخل أول مرحلة تفتيش والتانية اللي كانت فعلا بتهز البدن، ادخلوا على غرفة فيها مجندة بروفيشنال، بتمرر أصابعها من أصغر اشي لأكبر اشي فينا، وطبعا متعوسه اللي معها طفل أو رضيع لأنها مضطرة إنها تشلحو كل أواعيه وحتى ... عشان ممكن لا سمح الله يكون مهربلو شغله ولا عمله هناك، الله أكبر يا بني آدمين، يعني الواحد مش لاقي غير هالمكان من كل الاماكن، فش محل أنضف شوي بس، والمشكلة انو مره طلعتها الشرطية كذبه وصدقتها، بتقولها أمي ليش كل التفتيش هذا للولد، كله على بعضه ازا حملتي ما بيجي نص كيلو، قالتلها آل لاااااااا في واخد بيخط في خفاض الولد ساندويتش،،، قالوا العقل زينة وفاقده حزين وهيك هي،،،
المهم خلصنا من المرحلة هاي، علي بعدو، من ربع لنص ساعة زمن انتظار بقاعة مكيفة بسموها المحكمة، بعد انتهاء المدة المحددة لنفاذ الصبر بيفتح باب المحكمة وانطلقوا ايها الفوج الزائر، طريق طويله كنا نقطعها بنص ثانية ركض عشان نأخد دور على الباب الخارجي لقفص الزيارة ونلحق نحجزلنا مسطبة بتوسعلها 3-4 ، المهم بيفتح الباب الأول، بندخل في قفص كبير، بنستنا فيه شوي على المساجين يحضروا حالهم ويطلعوا لقفص الزيارة ومرات كمان عشان اللي كانوا بالفوج الأول يطلعوا، وعادة كانوا هالطالعين من الزيارة يصبحوا على هالمعارف والقرايب ويسألوا الناس بعض عن أحوال السجنا والأوضاع جوا، وطبعا كان ينعرف حال كل واحد من الشباب من وجه أمو وعيلتو،
أخيرا بنوصل القفص أو الزروبة الطويلة اللي بنزور فيها، بيكونوا السجنا بيستنوا وكل عيلة بتركض عند ابنها، يبدو هالناس تبويس من ورا الشبك ولما بحكي شبك هون أكيد يعني انو أكبر مربع سم* سم بالكثير الكثير... المهم تسير الزروبة زي المنحلة وهالناس اللي تضحك ولي تبكي كمان،
اللي مش متعود وجاي أول مره كانت تكون صعبة عليه المذله كلها وشوفة ابنو أو قريبو في القفص،
كنت عادة أعمل جولة أقطع فيها الزروبة ثلاث أربع مرات على متخلص أمي وأبوي حكي بالتفاصيل المهمة اللي كان شوي مش محبب انو نسمعها واللي كان أصلا صعب نسمعها، المهم كنت أشوف كيف شكل وجه نسرين، البنت اللي تعرفت عليها وأبوها محكوم 99 سنة، كنت دايما استغرب كيف بيضحكوا وأحس من جواتي مقهورة عليهم ومرات كثير أضب دموعي غصب عني...
ارجع لأبوي، نحكي ويطمن عن دراستنا وحالنا ويوصينا ما نعذب امي وبعدين في مرحلة لاحقة انو ندير بالنا على أخونا،،، أيام مرت وما كان بيعرف فيها انو البعد جفا وانو مش سهل ابدا انو تكون العلاقة طبيعية بينو وبين ابن ما حملوا وما ضموا...
ما علينا
في زيارتي الأولى كنت بتمشى بعيد بالزاروبه ولا أختي بتنط من بعيد يلا تعالي بدنا ندخل عند أبوي، انا طبعا التخمت لحقتها حتى من غير ما أفهم بالضبط شو القصة، وأتاري ادارة السجون بتسمح للأولاد الصغار انهم يدخلوا لحضن أبياتهم لمدة 10 دقايق ، طبعا صار قلبي يدق زي أكنو أول مره بدي أشوف أبوي بحياتي أو انو أقعد في حضنوا المهم وقفنا على الباب، الشرطي انتا ولد ادخل انتا ولد ادخل ولما وص الدور عندي " انتا ولد ما ادخل" وطبعا كانت لحظة مره ، اتطلعت بالشرطي وعيوني رغرغوا ومليانين دموع، اتطلع في وقال ارجع، ما رجعت طبعا، ضليت واقفة بجمب الباب، عارفة مش راح أدخل لكن برضو ما برجع ودموعي بعرض وجهي، لأنو ما بدي ابكي قدام أبوي طبعا، وخصوصا وهو بالهوضع، طبعا أمي نادت علي شي 50 مره وأنا عامله فيها دان سطوح ودان مزراب، استطرشت وما رديت، بالآخر قدرت شوي ارجع زي قبل، رجعت واطلعت بطرف عيني على الولاد اللي صارو بحضن اباتهم، حزت بنفسي كثير، قعدت ووجهي للحيطه، وظهري لأبوي، ما قدرت أوقف بكا، قالتلي امي طيب ردي على ابوكي، ما رضيت، أو انو يا دوب اتطلعت ولفيت وجهي، لعنت الدنيا بمليون صرمايه عتيقه وحسيت انها بنت كلب كبيره
في المرات التانية طبعا كنت أقصر حالي وتمشي على الجندي العبيط وأدخل وأول مره عبطت فيها أبوي بعد شي كذا شهر كمان كانت صعبة
أبوي لما طلع من السجن حس كمان بالفرق، واحنا حسينا، كان حساس لأصغر صوت وأصغر حركة وأصغر غرض ممكن انو يكون مرمي هون أو هناك في البيت، عصبية وتوتر كانت تزيدها اللحظات اللي كان يحاول فيها انو يحضن اخوي أو ابنو وأخوي ما يقبلوا، طبعا طفل صغير بأول مشيو وحركتو وفيه خفة دم بتدوب كان لا يقاوم، وطبيعي الأب مش استثناء عن أي أحد، كان يحاول كل جهده بلطافه فظيعه انو يقربلو، بس ما كانت تزبط غالبا وكان أخوي يتحول بسرعة من الضحك والمناغشة للبكا والصراخ اللي الو أول من دون آخر.. طبعا أبوي صار يعصب بآخر اشي وما كان سهل عليه يتحمل... احنا، اللي كنا نحاول نكون لطيفين ونغير نمط حياة 3 سنوات سابقة ليتلاءم مع حياتو ومزاجو لاقينا صعوبة رهيبة في التعامل معاه، انسان بيشتغل اشغال حره، خسر مصلحته وكل اشي مادي كان متوفر، يعني لازم يبدا من الصفر، ينحت بالصخر عشان يوفر اللازم أكيد كان بدو يقلق ويتوتر بس اللي دفع الثمن كلنا، من دون استثنا، واليوم مش كثير تغير الوضع لأنو اللي بتخيلو انو ابوي حاول يثبت للدنيا بسرعة انو قادر يسحقها ويتغلب على الفجوة اللي انصنعت بينها وبينو، بس النتيجة !!!! ما بعرف قديش منيحه،
مزبزط اليوم تغير الحال بس بيضل شبح السنسن الماضية بيلاحقنا، بيخنقنا وبيرجعنا للحظات ما بدنا حتى نتخيلها، اللون البني اللي كان السجنا يلبسوه، برودة الصبح والرطوبة العالية، البهدلة من فلان وعلان عشان لازم نعيش حتى لو أبونا سجين ومعتقل
الناس اللي وقفت بأول الصف عشان يستقبلوه ويرحبوا فيه، بعين الله الواحد ما بيقول الا الله بيسامح، بتذكر في يوم لما طلع ابوي من السجن كان الملتقى عند بيت سيدي وما بعرف ليش انا لساتني مقتنعة انو بيت سيدي على الرغم من انو توفى في الفتره اللي كان فيها أبوي معتقل حتى بيوم تشييع الجنازة حطت المحكمة على أبوي شرط تعجيزي، اما بتدفع 100000 شيكل وبتطلع ساعة للجنازة وبس ترجع بتستردهم أو انك ما بتطلع، طبعا الخيار الثاني كان الأصوب، لأنو ما اعتقد انو كان من الصحي انو ابوي يكون ماشي في جنازة والدو وهو مكلبش من رجليه وايديه ومعاه دورية جيش، ما كان الخوف وقتها من المصاري لأنو كانت بتدبر بأسرع ما يمكن بس الأسوة اللي كان راح يكون فيها المشهد كانت راح تكون صعبة وبالتالي ضلوا أبوي يبكي في سجنوا على أبو اللي راح وهو يبكي على ابنو بالسجن ويتمنى انو يشوفوا
المهم ارجع لموضوعي، لما طلع من السجن كانت الاجتماع بدار سيدي واحنا نزلنا هناك شوي متأخرين لأنو كان عندنا مدرسة، الناس كلها عجب صارت تحب أبوي، اشي بتتوقعه واشي ما بتتوقعه، طبعا أنا كنت رجل في عتبة الدار ورجل في الحوش، كنت كل ما اسمع صوت محرك سوبارو أطلع متل المجانين أفكر انهن وصلوا وبهداك اليوم من دون مبالغة مرتلها شي 20 سيارة سوبارو، المهم بعد وقت وصلت السيارة اللي كان فيها عمتي وامي واخوي،
نزل أبوي للشارع وصار الشاطر اللي بدو يعبطوا ويسلم عيه، لاحظت اني كنت واقفه على باب الحوش، بتقطع من جوه، وبحشر دموعي بالعافية، بستنى اللحظة اللي بدي احضن فيها أبوي اللي بعرفوا، بس طول شوي الدور لمن وصلني، معلش اللي استنا على طابور تسجيل اسماء السجنا 3 سنين بيستنا هون واللي استنا الأيام والليالي وكان قبل ساعة بعد الدقايق كمان بستنا، وصل! أخيرا، "ايش وله، كيف حالك، صايره طولي" منيحة الحمد لله مشتاقتلك وطبعا عبطه وبوستين
مشي لقدام وكنت بطلع على خواتي بهديك اللحظة، بقيو جوا وما طلعوا، التفتت لقيتهم على الباب بيستنوا ، سلم عليهم وبوسهم وما كان في اللقاء حرارة،
غريبة! أو يمكن طبيعي
بصراحة مش عارفة بالضبط بس كل منحاول نسخن بتهزمنا البرودة وبنضل نحاول على ما يرجع رجال أخذو في يوم ورجعوه واحد تاني
هون بس بوقف ولا كلمة زيادة!

Friday, July 20, 2007

يوم بوجع القلب

كتبت اشي كثيييييييييييييييييييييير طويل وكلوا راح
طبعا هذا الاشي كان حياتي كلها، كان اشي وحياة الله الي ثماني سنين بجرب اكتبوا، كان كلشي بقلبيييييييي وخانقني
حاسه انو ما بعرف

Tuesday, July 17, 2007

eXtra-ordiNary dAYs!

Today was unlike any other one, days or maybe moments in our lives differ and each has a lesson or a special meaning but still today as i can call it was extra-ordinary. Finally i did visit my africano soul mate and beloved sibling! Tala.
When i called her earlier today in order to go out for coffee after work, i discovered that she was home and that she's inviting me to her home or OUR home. Pardon!
Without hesitation i accepted her invitation and said YES! i'll be there at around four. It was quite weird for myself to make this "super fast" decision coz it usually takes me time to decide on things... Anyway when i stepped into "my" little warm home i just felt that i needed to take off my slipper and sit on that wooden chair in the kitchen, right in the corner opposite to the sea that only us can spot... the chair didn't unfortunately have any pieces where i can lean my feet on. while i was thinking so and maybe it should have taken me much less time to realize that i should at least behave a bit better especially when i'm in front of Tala's mum i noticed really familiar visage and somebody that i've felt i knew ages ago...
Something clicked at that moment!
Oh my god! i loved the most concealed details of that place, our room is awesome sis! i never thought you would have made it so perfect! and the pieces that showed from the closet and you tried to hide made the atmosphere even warmer. Some of the books scattered and those which took the stairs shape are very similar to those in our room in Jerusalem Tala so never worry. But girl! where was the mirror? i didn't see one there! maybe there shouldn't be one especially that i was there :P so you won't need one!
Part two: Morning pages,,, maybe we should say sorry to Alia because we couldn't not open them. Well, not reallyyy... but we did discuss quite many pages, the ones that i wrote for the first time and opened for the first time too! Tala i think that i forgot to tell you that my morning pages are written in pencil as if i'm not willing to let them last long. May the days erase them at a time. Do you know what girl? something popped in my mind right now, i don't imagine myself erasing my morning pages! this is for me for sure, you'd be probably backspacing them or something! But seriously girl, it's hard and crazy at the same time, that's how our problems seem to be too... hard to erase and get rid of but once we do white pages would be ready again for us to plot some other plans...
i still can't believe that the two hours we spent talking and giggling did last in few seconds,,, how come this happens? NOWAY! there should be something wrong!
Sometimes i feel so embarassed, like when i tend to be nice and i end up blushing, Lol:) i shouldn't have said i would love to try chicken coz God always knows whats inside us! like firas assawah's book.
At the end of the day we got into the taxi, you for coffee and me back home, while we sat each on a side and for few minutes kept the severe silence to express ourselves, i felt that i so much wanted to hug you or maybe press one of your hands and transfer all the positive energy i felt inside! that was one of the most honest and vivacious moments in my life!
By the end of next month you'll be in the U.S. and probably i'll be taking your place in the 3rd floor, leave me a little bit of good spirit and i shall do well until you'll be back again! A promise:)
Friends @ heart & soul:)
Tc

Monalisa 2007 :P


Friday, June 29, 2007

.

إلي يومين عم بحس باشي متل حبل عم بلفو بإيد وبحاول أفكو بالتانية وبتشلبك أكتر وبتعقد حولين رقبتي، حاسه حالي مش حالي، بدي أكون أنا زمان، مش كتير زمان بس يعني لمن كنت دايما بعمل كل شي بنفس، وأعمل كل شي غير شكل حتى لمن بكب زبالة البيت بكون مبسوطة،
وال ل ل ل شو زنخ الشعور،
جاي عبالي لما أتنفس أحس الهواء بيدخل جواتي زي لما بشرب مي بارده بعد ما أفرشي سناني أو زي لمن أكون عطشانة كتير وعلى الأغلب مش ماكله وأشرب مي باردة، هيك الواحد بحس فيها بتبرد كل جواتو، هي هاي الكلمة،
بدي استبرد عقليا عشان استبرد كليا

Wednesday, June 27, 2007

إيه ه ه ه ه ه يا وطن

بكلمات إنجليزية متعثرة وبمجهود عقلي كبير حاولت ايجاد الكلمات المناسبة لشرح الموضوع،
وأنا أبتسم وأحاول مساعدتها وفهم بعض كلماتها باللغة العبرية.
تساءلت في داخلي عما إذا كانت تجيد لغة غير العبرية، وما كان مني إلا أن سألتها عن أصلها فأجابت بأنها من هذه الأرض ولن أقول فلسطين هنا وتُفهم على أنها تعرفها هكذا وكما يجب،
سألتها عن أصل والديها وجديها لأتأكد أكثر فقالت هم أيضا من هنا، لسنا من مكان آخر،
هذا يعني طبعا بأنها فلسطينية يهودية أو بمفهومها هي اسرائيلية فلسطينية أو لا أدري تماما إن كانت تحب أن تدعو نفسها فلسطينية...
ابتسمت عندما أخبرتني أنها من هنا وكأنني وددت أن أقول لها أننا نشترك في فلسطينيتنا ولكنها سريعا هربت بنظرها لتتم عملها ...
بصراحة لم أتوقع أن تكون فلسطينية قط لأن معالمها شرقية جدا ولكنها لا توحي بالفلسطينية،
وفي تلك اللحظة عصفت في ذهني كلمات ادوارد سعيد بأنه لم يلتقى فلسطينيا قط قد تعب من فلسطينيته وأردت أن أرددها على مسامعها ولكنني أعرف تماما بأنها لن تفهم ما أقول وهذا عمق المأساة
ماذا فعلت "الدولة اليهودية" بالبشر واليهود تحديدا، هل منحتهم امتيازات أكبر أو حياة أفضل عندما سلبتهم تاريخهم وانتزعتهم من تربتهم الأصلية الطبيعية، لا أظن
الفتاة التي إلتقيتها البارحة لا تعرف لغة وطنها، العربية!
لا تعرف تاريخا أو تراثا وأظنها تحس بشيء من الاضطراب حيال ذلك،
هل هي يهودية؟ نعم،
لكن هل هي فلسطينية، هل ما زالت تحتفظ بشيء من إرث هذه الأرض،
لا أعتقد
وهل هي اسرائيلية؟
... "نعم و "لكن...
اسرائيلية منزوعة الهوية القومية فعليا لأن الديانة اليهودية لم تكون يوما قومية كما أن اسرائيل ليس قومها ... تعيش تلك الإزدواجية المتناقدة وغيرها عدد كبير من الناس اليهود الذين لا يعرفون تماما كيف هو الوطن، كيف هو ذلك الشعور الذي يأسر الأنفاس عندما يكون الإنسان على تراب الوطن... يعرف لنفسه مكانا وحقا وقضية، لغة وأهلا وأشياء أخرى بعيدة عن كل ما هو مادي ولا يمكن أن تصفها الكلمات
ربما نشعر بالحزن والقهر تجاه فلسطيني هُجر وترك أرضه قهرا، ويعيش على الأمل، ويستطيع أن يتخيل شكل الوطن ولكننا نحزن أكثر على أناس جرفها التيار العاتي إلى خديعة يعيشونها وتعذبهم كل يوم وحتى إن حاولوا تجاهلها...

Tuesday, June 26, 2007

كل شتاء وجميعنا بخير

واحد وعشرون عاما،
واحد وعشرون صيفا وواحد وعشرون شتاء مضت ولم أشعر بها كما أشعر الآن،
في هذا الصباح الشتوي، أصبحت على أولى قطرات تشرين تطرق نافذتي وتمسح عني درنا ما أو هموم سنة أو إحدى وعشرين...
لم يقتصر الأمر على طرق النوافذ وحسب، سرت قشعريرة ما في جسدي الدافئ وخفق قلبي سريعا لبرهة من الوقت قبل أن أنظر إلى الساعة... وأقرر النهوض إلى النافذة ومشاهدة هطول الأمطار،
هل هطلت الأمطار فقط؟
كم استغرق ذلك من وقت؟
لا تسألوني
آخر ما لحظته كانت مناكحة قطرات تشرين الماجنة لتراب الأرض العطشى منذ عام أو واحد وعشرين
أتمنى لكم صباحا تشرينيا دافئا
كل شتاء وأنتم بخير
11/2006
http://7aritna.com/files/alaa/02_-_Track_2.mp3

Sunday, June 24, 2007

مرهقة تملؤها السعادة

عادة هكذا تتدرج الأحداث أو تتساقط، ينتهي يوم متعب وتبدأ الطمأنينة بشق طريقها تدريجيا إلى أضلعي التي يضنيها الإرهاق، أعطي نفسي ساعة من الفراغ، فأتوقف عن العمل ، تلك هي فترة العودة إلى المنزل، غالبا ما أرتخي، ألقي برأسي على نافذة الحافلة أو إلى الوراء، أبدأ بتأمل الأشياء والمشاهد بغير وعي، وأكتشف متأخرة بأنني كنت قد اختزنت ما يكفي من الصور واللوحات. عندها فقط من الممكن لي أن أحس بحجم السعادة التي تجتاحني.
وأظن العلاقة طردية بين التعب والفرح.
عند وصولي إلى المنزل وبعد الأيام المضنية غالبا ما يكون الحمام الساخن أفضل مقدمة لكل شيء.
وخاصة للسقوط على السرير حيث تحصل المراجعة لكل الأحداث بدءا من الاسترخاء في الحافلة، تلك الساعة التي تحمل أجمل لحظات تذوق الالآم خاصة في أطراف أصابع الأقدام وأعلى الكتفين والفكين الذين كانا يحتفظان بابتسامة واسعة...
دعوني أخبركم عن الأمس، وعن قدر القوة التي تسللت إلي عبر شبكة من أروع الرجال والنساء، هكذا سأسميهم، ثمانية من الفتيات والفتية الذين إلتقيتهم في مخيم الدهيشة وقد كنا على موعد للتحدث عن مشروع كنا قد اشتركنا فيه، بالصدفة هاتفني بعض الأصدقاء وأعربوا عن رغبتهم في القدوم إلى المخيم في زيارة أيضا والتحدث للشبان والشابات عن مفهوم المقاومة، كانت تجربة من أروع ما يمكن، تحدث فيها الجميع هناك عن إنطلاقهم من الفن للتعبير عن النفس ولشرح القضية الفلسطينية، جزء من المجموعة هم من أعضاء الجيل الرابع من الفرقة الفنية التي تقدم عروضا مسرحية وأخرى راقصة تروى من خلالها آلآم الرحلة والغربة.
في مخيم الدهيشة يعيش أكثر من 11,000 فلسطيني هجروا من ست وأربعين قرية وبلدة، بعضها لا يبعد عن المخيم بضع كيلو مترات ولربما أن أكثر الأشياء مدعاة للسخرية هو أن أهل المخيم قاموا بتنظيم رحلات إلى بلداتهم الأصلية، فقضوا فيها يوما من حياتهم بعد النكبة،عندها تنشق الصغار عبق العودة وحبى الكبار فوق السلاسل الحجرية والتراب، هنا بيت الزعتر والميرامية ما تزال مكانها بعد كل تلك الأعوام، لكل منهم القدرة على تحديد موقع أرضه بدقة متناهية عجيبة ذلك على الرغم من أن القرية هدمت بعد أن هُجر أهلها...
عندما خرجنا في جولة في المخيم مررنا بجانب إحدى الدكاكين التي ارتشم مدخلها بعدد كبير من الذباب ومع ارتفاع درجة الحرارة التي ترافقها حالة من النزق الشديد لم تجد الذبابات والحشرات مكانا لها إلا مساحة صغيرة من الظل أمام الدكان،
وكأننا من سكان المخيم دخلنا وجلسنا هناك مع اثنتين من النساء الطاعنات في السن،
سألناهن من أين أتين وبمجرد أن ذكرن اسم القرية، تساقطت دموع إحداهن ولم تمسحها إلا بعد فترة وكأنها لا تريد أن تطلعنا على أنها تبكي أصلا وأن هذه الدموع ليست إلا بسبب الحر،
هل ستعدن اليوم لو سُمح لكن بذلك،
طبعا،
أضفنا: لماذا؟
قلن إنه الخير، إنه الوطن، إنها الحياة...
وعندما سألناهم إن كانوا يظنون بأن إقامتهم بالمخيم مجرد محطة مؤقتة، أجبن بأن الجميع اعتقد بأنه سيعود ولكنهم اليوم لا يؤمنون بذلك كثيرا ولكن لمعة عيونهن وبريقهما عند الحديث عن بلدتهما الأصلية لم يتركا لدي شكا بأنهن ما زلن يحملون الأمل،
وبرغم
الفقر والحالة المأساوية التي يعشنها كن قد صممن على أن نشرب الشاي ولكننا تحركنا سريعا قبل ذلك،
حركتنا أرهبت الذبابات التي عادت لتجتمع عند الباب فتفرقت وشققنا طريقنا وسط المخيم

في مركز النشاطات الرئيسي هناك كان فتيان وفتيات الجيل الرابع يهيئون أنفسهم لنقل تلك الطريقة المبتكرة في التعبير عن ذواتهم، وكان أطفال الجيل الخامس بشغف ينتظرون اللحظة التي يؤذن لهم فيها الصعود على خشبة المسرح وكأنه ليس مجرد درسهم الأول ولكن يوم التعب الأول الذي يشعرون بعده بالسعادة وينطلقون إلى عالم أبعد ما يمكن عن الواقع الذي يعيشونه وأقرب ما يمكن إلى طائر محلق.
ألا تشعر الطيور عادة بالنشوة؟!.

Thursday, June 21, 2007

يا بتقرف يا بتشلح

يالله شو هيك زهقانة وقرفانه ومش طايقة اشي، عادة لما بكون هيك بكون بدي أطلع أروح أسافر على أي مكان، بس المشكلة هاي المره انو حتى أسافر مش جاي عبالي، امبارح كنت عمالي بقرأ خبر على موقع إخباري ولا بمر خبر بقول انو اسرائيل تضع في مطار تل أبيب ماكينة تفتيش جديدة، من شهر ونص هيك اشي كنت بقرأ خبر على موقع آخر وأوردو نفس الخبر بس هديك المره كانت الماكينه هاي في مطار شيكاغو، بس صارت عليها ضجه كبيرة وقامت الدنيا وما قعدت لحد أصدروا قرار بمنع استخدام الماكينة بس ما بعرف إذا شالوها من المطار ولا ضلت موجوده، المهم ما أخذ الموضوع كثير صارت الماكينة واصلة، باختصار الماكينة عبارة عن
scanner
اشعاعي، بتدخل المطار، بتمر أول مرحلة تفتيش والتانية وإذا شكوا فيك ويمكن ما تكون كثير محتاج انهم يشكوا فيك، لأنو هويتك بتعرف عنك، المهم بدل ما تغلب الموظفين والموظفات في المطار وتبهدلوا بعض بإنو انت تشلح وهم يشموا سواء ريحة رجلين أو غيروا بتدخل جوا هاي الماكينة الجديده، لحظتين تلاته من وقتك الثمين عزيزي المسافر فقط! بكونوا صوروك والمخفي بان، سواء في للموضوع ضرورة أو ما في، الشباب اللي على شاشة الماكينة بشوفوك
totaly naked
يعني كلو على المكشوف، أون لاين... مهو يا إما بتتشلح يا إما بتتشلح! مفش فيها
بس مش هون مربط الخيل، المشكلة في اشعاعات عم بتمر على أي حد بتفتش خلال ثواني، بتخترقوا ويعطيكم ألف عافية
شو نوع هالاشعاعات؟ كيف بتدخل، كيف بتطلع؟! الله أعلم ، وين بتصفي عزيزي المسافر بعد سنة أو كم من شهر بردو الله يعافينا وهو أعلم
يا بشر بطل الواحد طايق يعمل اشي، بدو يفكر بالسفر بيحسب ألف حساب بدو يفكر بانو يضل مضروب على عيشتو وقاعد في الدار بردو صار يحسب ألف حساب، شو بدي أعمل في الدار، هالقيت بدي أقعد أشوف ولا أسمع الأخبار! لاء لاء خليني الاقي محل وأفك على البدري أحسنلي لأحسن ما تليل وبعدين تنزل التعليقات، عوين، من وين، طيب ليش، هو ضروريييييي، ما بصير المشوار يتأجل، طبعا ليش كل هالأسئلة بردو ما حد بيعرف بس هي اجمالا هيك بترافق كل طلعه ودخله حتى لو كانت على الشغل، بسيطه !!! شكلي بدي امسكلي كتاب وارجع أقرأ على كل الأحوال لأنو هناك معقول اني اغير جوا وأنا محترمه ، بعيييين

Tuesday, June 19, 2007

فداء

أوائل الصور اللي أخذتها بعد ما كنت بديت مساق التصوير الفوتوغرافي في الجامعة

امبارح هيك صار

الساعة التي مضت كانت أسوء من مجموع الحوادث السيئة طوال عقد مضى ، قررت أن أذهب لزيارة صديقة عمري بعد العمل وكنا طوال أشهر مضت نتهاتف أكثر مما نلتقي، لكني لم أتوقع أن أعود لأجد بأنها تغيرت من ناحيتي كل ذلك الكم وبهذه المدة القصيرة... كانت أقرب إلى الاستهزاء والسخرية، وإلى الاتهام والنظرات المليئة باللوم، لم أعرف لم كل ذلك في بادئ الأمر وظننت أن عدم تزاورنا هو السبب الحقيقي ولكن سرعان ما تبين أن ذلك لم يكن صحيحا أبدا،
كنت أعرف تماما أنها غير واعية بقدر كبير وأنها كثيرا ما تتأئر بوالديها وأسرتها التي تقضي وقتا طويلا في الكنيسة، أحترم فيهم ذلك لأبعد حد ولكنني لم أتوقع يوما بأن نتصادم هنا وفي هذا الطريق تحديدا،
مذ كنا أطفالا لم نعتد أن نناقش أي موضوع يتعلق بالمعتقد الديني أو ما يفعلونه أو نفعله، أكره هذه التفرقة إلى حد كبير ولم أتوقع أن أتحدث عني وعنها في هذا السياق... فمن خلال متابعتهم للأخبار والأحداث التي كانت قد توسعت صباحا ليحرق بعض المسلحين في مدينة غزة الكنيسة اللوثرية ومدرسة ودير الوردية، أطلقوا أحكاما غريبة جدا واتهموا الدين الإسلامي بأشياء غريبة فعلا، والغريب أنهم تجاهلوا كل ما يحدث إلى أن سمعوا نبأ إحراق الكنيسة أو الدير! نظرت إليهم عندما تحدثوا عن ذلك بصمت ولم أتحدث وظنوا للحظة أنني منزعجة وبأنهم بالغوا في اتهاماتهم وتعليقاتهم، فنهرت صديقتي أمها التي ارتفعت نبرة صوتها لنوع من الصراخ وقالت "إلى متى سأبقى صامتة ،أليس ما يفعلونه حراما، فنحن على الرغم من فعلنا الخير للجميع نلقى الأسوء دائما " وبدأت حينها دائرة من الكلام الذي لم أعرف سببه أو أجد مناسبة له، جيراننا يسبون الصليب، يهينون ديننا وهكذا، أعرف بأن ثقافة مجتمعنا غريبة جدا وليس فيها تقبل لأي عنصر مختلف ولكن لا يمكن تعميم هذه الظاهرة أيضا، لا يمكن أن نكون بهذا الغباء، لا أظن أني حاولت أن أفعل شيئا حيال كل ذلك، انتقلنا إلى التحدث في مواضيع كثيرة ثم عدت أدراجي إلى المنزل،،، عندما وصلت إلى الحي أردت أن أحلي نفسي وأسرتي فمررت "بجعفر" عمو من فضلك كيلو نموره بالقشطه، على راسي عمو، حملت الطبق وأنا أُغرق جميع أفكاري بالقشطة بدل مرارة الموقف اللي مضى من شوي..
،

ساعة في شارع المدينة

بدأت ثورة البركان في داخلها فجأة، قفزت من مقعدها وأعلنت العصيان على الشاشة التي باتت منذ أشهر تعمل أمامها دون توقف برتابة مملة ودون إنتاج حقيقي.
قررت بأن لديها عملا خارج جدران مكتبها الصغير وبأن هناك ما يتوجب إنجازه في تلك الساعة. خرجت وسلكت طريقا من عشرة أو مئة كانت تعرفها مسبقا، أنهت ذلك العمل الذي خرجت من أجله سريعا ثم مرت ببائع الورد وابتاعت باقة من التغيير الذي ظنت بأنها تحتاجه فعلا.
خطت ابتسامة نفسها على ذلك الوجه المرهق منذ أشهر، ظنت بأن هذا هو الحل ولكن سرعان ما باغتها إصرارها الداخلي على أن أي شيء لن يقتل الملل، فقالت لنفسها لدى مرروها ببعض النساء القابعات على طرف الرصيف يطلبن المساعدة: "كم أنا جشعة مترفة، أشتري الورود بينما تلاحقني أعين المساكين، ترى كم سأهنئ بهذه الزهور؟"
فجأة تلاشت الابتسامة وغاب ذلك السحر الذي يجتاح عيونها عندما تضحك، وتذكرت عنوان رواية توقفت عنده منذ فترة، "ماكياج خفيف هذه الليلة"، على الرغم من الحركة التجارية الكبيرة يجلس أولئك ليسألوا منة الغير، وعلى الرغم من الحزن البادي على وجوههم فإن مدينتهم أضحت تدريجيا تحترف إخفاء مشاعرها وأحزانها سريعا،
مقابل بوابات إحدى المجمعات التجارية وقف نفر من الشبان، خمسة أو ستة على الأكثر، كانوا ينظرون إلى جثة أنزلت من العمارة، لم تكن نظراتهم تحمل أسى بقدر الفضول، عجبت لذلك وشعرت بارتياب حقيقي وأكملت طريقها.
وصلت إلى آخر شارع المدينة ومرت بمحاذاة المكان التي كانت تحب غالبا أن تقضي به وقتا بعد العمل برفقة الأصدقاء ثم عادت أدراجها من حيث أتت، وصلت ذلك المبنى ثانية واختارت أن ترى المشهد من خلال أعين ذلك الشاب الذي كان يجلس في خلفية حافلته التي استخدمها كدكان أيضا، مكتفا كان يجلس في المرة الأولى لدى مرورها، يتابع المشهد ببلادة وتأمل عميقين، لطالما كانت تظن بأن العيون الزرقاء غالبا لا ترى بوضوح وتوهمت بأن الناس الذين لديهم عيون زرقاء غالبا ما يقلصون المسافة بينهم وبين الأشياء ليروها بوضوح، إلا صاحب هذه الحافلة، جلس دون أن يحرك ساكنا حتى أنه لم ينادي ليبيع، غريب ذلك الصمت المرتفع الصوت، ينم عن شيء ما قد يكون اقترب.
رأت المشهد من خلال ذلك الشاب... هل انتهت العملية؟ هل ذهبت الجثة إلى غير رجعة؟ نعم.
عادت المدينة إلى عادتها...
وكأن شيئا لم يحدث...
ولكنها ودون أن تلاحظ أسقطت حجرا من جدارها، ويتوالى سقوط الحجارة دون أن تلاحظ أو تشعر هذه المدينة ويبقى مساكينها على قارعة الطريق والموسيقى تعلو بصخب من جميع زواياها والمساحيق تزين وجه المدينة التي تقضي أشهرا أمام المرآة لتخرج بأبهى حلة،
ترى متى تكبر المدينة وتتوقف عن الاختفاء وراء أقنعة ومساحيق! متى يأتي يوم بماكياج خفيف ويصل الشيء الذي يقترب فيختفي المساكين ويختفي من يجلس في أطراف المدينة عن قصد.

Monday, June 18, 2007

1948 خطوة

"على بعد خطوة من الذكرى وتسعة من المنفى وأربعة من البحر وثمانية أخرى من الطريق الشمالي المؤدي إلى حيفا، يختفي كنز وتظهر آثار أقدام مضطربة عبرت الأرض أو الماء قبل ستة عقود أو أكثر...

ما زالت جذور البيت الصيفي الذي لم تطأه قدماي متغلغلة في أعماق داخلي، وما زلت أشتم رائحة ياسمينة الجيران ورياحين جدتي وأقشعر لقطرات المياه التي ترشق وجهي ويداي وتبلل شعري في ليال كنا نسهر فيها على شرفة أسفلها بحر كبير عاشت فيه سمكة قرش خلتها لن تستطيع يوما الاقتراب لتقضم أخشاب شرفتنا وأحجار بيتنا وشتلة الريحان في القارورة ومعظم أيامنا أيضا.

كلما عبرت الريح جللت أعيني بموجة من البحر الذي بات يسكنني ولا أستطيع أن أسكنه وزحفت على أطراف أقدامي وبين أصابعي ملوحة مياهه محدثة لذة موجعة في جروحي فأستيقظ فجأة لأعود إلى هنا، حيث أُعطينا حياة مؤقتة إلى حين أن نعود أدراجنا من حيث جئنا...

حياتنا في المخيم على بعد 1948 خطوة أو هكذا أتصور، لا يمكن أن تعني أكثر من محطة انتظار مؤقتة، أظن أننا حتما سنعود يوما..."

أظن ذلك ما استطعت قرأته في مجموعة من العيون الحيفاوية، كانت المرة الأولى التي أزور فيها مخيم نور شمس في الضفة الغربية وهو مخيم هُجر معظم سكانه من القرى الحيفاوية في العام 1948، دهشت لعدد من الإشارات التي صادفتها أو وقعت في طريقي، عيون الناس متشابهة ومميزة هناك، صادقة حقا ولامعة جدا حتى أن منهم من يكتفي بالنظر ويترفع عن الكلمة وخاصة عندما يتعلق الأمر بالذكرى أو المكان الأصلي الذي ينتمون إليه.

لاحظت أن على الجانب الآخر من المخيم سكة قطار حديدية قديمة ترفض أجزاؤها المتبقية الاختفاء وكأنها تحدث فيهم ذلك الهاجس الحي، تبعث فيهم بوحشية ذلك الشعور بالتمرد على الواقع الحالي وتقول :" أنا كقراكم موجودة لا أتلاشى، وأنتم كالقطار مهما عبر وغاب فإنه حتما سيعود، كالشمس التي تشرق في ظهوركم وتغيب على مرأى من أعينكم بمشهد تنقصه السنديانة أو صبارين أو أم الزينات".

في المخيم أيضا ميدان صغير وشجرة وصبار لا يُقتلع ورائحة طوابين، أظن في حيفا شيئا كهذا أيضا وإلا لما كان هنا يوما...
أغرب شعور هو ذلك الذي قد يراودك عند الوقوف في المخيم باتجاه حيفا، لا أعرف لماذا رأيت المتوسط، سمعت هدير أمواجه وداعبت نسائمه قسمات وجهي.

الثلاثاء 9 كانون الثاني 2006

بعد عامين

وكأنني هادئة فعلا، وقفت إلى جانب المقعد بذهول غريب إلى أن دفعني أحد الأصدقاء الذين كانوا برفقتي.
كانت المرة الثالثة التي أركب بها قطارا لأنطلق إلى البلدات المجاورة للبلدة التي كنت أقيم فيها.

فبعد أن مرت بنا مفتشة التذاكر أو ما يسمى (الكونترول) واكتشفنا من نظراتها المتسائلة بتعجب بأننا في المكان الخاطئ، أخبرتنا بأن علينا التوجه إلى قاطرة الدرجة الثانية شاسعة الفرق، وعندها حدث كل شيء.

كنا نضحك ونتبادل التعليقات إلى أن وصلنا إلى مقاعدنا في الدرجة الثانية حيث كانت جلستي بجانب الشباك.
عندها كنت قد هدأت وانسحبت من دائرة الضجيج الذي كنا نحدثه، ولحملي على الرجوع ثانية لذلك، قام أحد أصدقائنا بسحبي لأجلس قبالته في الجهة الداخلية وأقعد صديقة أخرى مكاني.

لم أكن أريد النظر إلى المقعد المجاور المقابل لي، فهناك من يراقبني مذ وطأت القاطرة.
حاول صديق لي بأن يستفزني بعدد من الايماءات الساذجة لأنظر إلى الأعلى، إلا أن موجة من الخوف الممزوج بالخجل اجتاحتني فجأة بسبب ذلك الرجل في المقعد المجاور. قد حاولت مليا الاختفاء في معطفي الأسود وكان ما يزال يراقبني ولاحظت ذلك بوضوح مع أني لم أنظر مباشرة إليه.
قررت بأن لا علاقة لي به وأني لا أعرفه ولم أره مع أن هاجسا داخليا ظل يبعث بي شعورا أقوى بأن تلك المعالم الغربية ليست بغريبة أبدا وإلا لما كان سيطيل النظر هكذا إلى درجة تجعل المحيطين يتساءلون باستغراب إذ ما كنت أعرفه.
بعد تجاهل طويل هزمتني الرغبة في أن أنظر إليه.
فعلت،
فما كان منه إلا أن ابتسم وغمرني بأشياء غريبة مختلطة، خوف أكبر وفرح عارم ورغبة في أن أحدثه عن كل الذي كنت أود أن أقوله على الملئ في لحظات أناجي فيها لا أحد سوى نفسي.
إنها المحطة الثالثة وقد وصلنا إلى البلدة التي كنا سنزورها، اتمنى لو أني قلت أي كلمة بلغة أهل البلد عند هبوطي من القطار لذلك الرجل ولكنني لم أفعل.
كأن القدر أحيانا يمنحنا فرصا ذهبية لتحقيق أشياء كنا نرغب فعلا بأن نحققها،
مر عامان تقريبا وانتهت سنوات الدراسة،
عصر يوم شتوي ممل بددت ملله ضحكات شقيقتي وصديقتها اللتان هاتفتاني واقترحتا بأن نعود إلى المنزل سويا، مرة أخرى وقفت بذلك الذهول،
هناك من يراقبني!
تلك الملامح الأوروبية المألوفة، نفس الرجل، هو عينه، الغريب الذي التقيته منذ عامين في قاطرة الدرجة الثانية موجود هنا أمامي مع مجموعة من أصدقائه.
كاد قلبي يتوقف عن النبض، لا أعرف إن كانت شفتي السفلى قد ارتخت كثيرا ولكنها فعلت حسب ما أذكر بقدر نصف فم مقتوح...
أظنه تعجب أيضا لأنه لم يبتسم ولم تحركه تحرشات صديقه الذي كان يحاول استدراجه ثانية إلى حديث كانوا قد بدأوه.
وصلت الحافلة وعشرات من الركاب ينتظرون وأما نحن ففي حالة من الصدمة، المقاعد محدودة وقطرات من الماء بدأت بالتساقط، سحبتني شقيقتي لركوب الحافلة، حاولت سريعا بأن أشرح الموضوع لهما ولكنهما استبعدتا أن يكون نفس الشخص ولكني كنت على يقين تام بعكس ذلك.
بدا أن واحدا من الأصدقاء سيستقل الحافلة التي ركبتها، وبلغة فهمتها جيدا عرفت بأن الخيار لم يقع عليه،
كان بإمكانه أو بإمكاني أن نعبر بأكثر من مجرد الصمت وننطق بالكلمة التي باتت تختزنها أطراف ألسنتنا منذ عامين إلا أنني على الأقل اخترت إغراء القدر بفرصة ثالثة،
التفت، صعدت سلم الحافلة، وانطلقنا بينما هم يتبللون بسبب المطر ويراقبون مغادرتنا
...

لكما



كانت محادثة سريعة جدا، لم تتعدى بضع كلمات فقط، حتى أنها خلت من تلك التعابير البذيئة التي كنا نتقاذفها كنوع من الدعابة الرديئة، وضعت الهاتف جانبا وانزلقت في الكنبة الكبيرة التي كنت أجلس بها وبحركة تلقائية وكعادتي عند موقف كهذا تسلل أصبعي إلى فمي وبدأ أظفري بنقش جرح في لثتي الأمامية، طعم الدم أوقذني من جولة من التعنيف ضد ذاتي فأسرعت لتناول فرشاة أسناني مع أني أعرف تماما بأن الأمور قد تحل بمجرد غسل فمي بالماء ولكن الفرشاة كفيلة بأن تحدث ألما أكبر وتفرغ بشكل أسرع تلك الكمية الهائلة من الطاقة السلبية ولو بسيل من الدم ورعشة من الألم.

سأخبرك ثانية بأنني كلما أسدلت الصفحة الأخيرة لكتاب تذكرتك، كانت تراودني دائما فكرة التقاط سماعة الهاتف والحديث إليك عن ذلك الكتاب أو ذا، تيك الفكرة أو تلك، فكان صوتك يسبقني دائما، يستدرجني بكلمة واحدة لأقول كل الأمور، صغيرة كبيرة، غنية تافهة، وصدفة اكتشفنا سبب ابتعادنا اللذيذ بين صفحات الكتب وفي مكان قرر كل منا أن يذهب إليه بغير علم الآخر، جمعنا القدر مرة أخرى على عتبته ذات عصر يوم أظنه كان ربيعيا، تماما ككل التفاصيل هناك وكذلك الرجل الذي أصبحت أجسادنا تتراقص لرؤيته وقلوبنا تهوي عند غيابه. أظننا تعلمنا أكثر مما كان يجب أن نعرف وعمنا حتى الغرق الذي ندركه اليوم ونعتبره أجمل نزهة استكشافية خرجنا إليها.

هناك جمعتنا أجمل عتمة عشناها ورائحة أوراق الكتب المصفرة التي كنا نعشقها. أكانت العبثية أم البساطة أول ما استدرجنا معا في وقت واحد إلى هناك؟
تمر في رأسي عدد من الصور في هذه اللحظة، دهشتنا أمام حركة أيدينا التي اكتشفنا بأنها لم تكن عادية أبدا، عندما قررنا أن نراها عن بعد ونفصلها عن أجسادنا، وأذكر أيضا ذلك اليوم الذي بلغت سذاجتنا فيه حدا لا يطاق، أغلقنا أفواهنا بشريط لاصق وقررنا أن نجد طريقة أخرى للكلام، أن نبتدع علم أصوات جديد وقاعدة تشبهنا، أذكر دموعك لسبب ما، وما زلت لا أدري إن كان لديك حدس مسبق بأن شيئا كالذي حصل كان سيحدث. أذكر ضحكاتنا وتململك الدائم، وورقة صغيرة كتبت عليها كلمات لغاندي وأحب كثيرا أن أرددها ثانية هنا "لا أريد لبيتي أن يكون مسورا من جميع الجهات ولا أريد أن تكون نوافذي مغلقة، أريد أن تهب على بيتي ثقافات كل الأمم بكل ما أمكن من حرية ولكن أنكر على أي منها أن تقتلعني من أقدامي، إن مذهبي ليس دينا مغلقا ففيه مجال لأقل مخلوقات الله شأنا ولكن يستعصي على الكبرياء العاتية، كبرياء العرق أو الدين أو اللون".
أتذكر ابتسامة كانت تحتضننا دائما وكثير من أشياءنا التي تخلت عن منزلينا وكلمات هجرت أفواه أناس كنا نحب أن نسمعها منهم "روحك إلك" كلمة واحدة فقط كانت تعطيني إحساس الفراشات التي تدغدغ أمعائي أو نجوما تبرق من حولي... أذكر أنه المكان الوحيد الذي من أجله تركت عددا من مقتنياتي الغريبة الفريدة.
أستطيع استعادة فضولنا في اكتشاف داخل الصناديق القديمة على الرفوف العلوية. ماذا كنا نظن؟ لماذا كنا نقحم أنفسنا في ذلك؟ المهم أننا لم نحقق ذلك وتركنا مع كثير من الأمور العالقة هنا، ذهب جزء مما كان يجمعنا...

كنا غالبا ما نتحفظ كثيرا على وصلة غنائية يومية لأم كلثوم واكتشفنا عشقا لهذا الصوت لا نعرف مصدره، يقتحم آذنينا ويتماشى مع قاعدة الأصوات التي عجنت بجنوننا.

منحنا ذلك المكان الذي وطأته أقدامنا صدفة شكلا آخر من كل شيء، فحتى انتظارنا لصباحات الصيف أو أيام الشتاء فقد أصبح مغايرا، فما أن تنشقنا نسائم الصيف الأولى وحددنا الزوايا التي يصلها الضوء أولا حتى ملئنا شغف أكبر لمراقبة الشتاء من خلف ذلك الباب ذاته، هو، الذي مررت به صباح اليوم ووجدته مقفلا... سيقبل الربيع قريبا وأود لو تزهر أشجارنا الثلاث ثانية.

أول كتاب ابتعته من ذلك المكان، المكتبة، ومن صاحب المكتبة تحديدا، كان "لوعة الغياب"، لم أكن أتوقع بأنه يمكن للقدر أن يتلاعب بي هكذا ويسرق الزمان والمكان ونعرف معا لوعة الغياب، وأن يفرقنا إلى حين عودة...

ها قد غربت شمس هذا اليوم، إنها السادسة تقريبا، منذ فترة اعتدت أن أغلق نوافذي، لا خوفا من برودة الطقس بل خشية المذياع، وها هو مذياع جارتنا يعلو تدريجيا وأم كلثوم ستغني الرباعيات وسأبقي النافذة مفتوحة، سأحاول استفزازك في المرة القادمة لتقاذف البذاءة وأسمع الكلمات التي أحب أن أكمل يومي بها، سأضع في معصمي سوارا من خيوط الصوف وسأسدل صفحات أخيرة لكتب كثيرة، سنناقشها في وقت ما. ألا يستحق ذلك الرجل منا أكثر من مجرد انتظار عودته يجب أن يعود ليجدنا كما كنا، نتابع الثرثرة التي قلما انتهت ونخترع وصفة العجب تلك...
دعنا نقول بأن نتوق شغفا لرؤيتك وعودتك، لأن أشياء كثيرة كانت قد فقدت معانيها وسحرها الخاص أثناء غيابك ومرضك.
صديقنا هذا مختلف جدا وصاحب مكتبة مختلفة جدا ومنذ فترة تركنا ليكمل علاجه بسبب المرض.

Saturday, June 16, 2007

بين أحضان فزاعه

أبي، وصل، مؤكد هو، فأمي قالت بأننا عند وصوله فقط سنشعل العالم فرحا بالمفرقعات، أصوات المفرقعات تعلو وتعلو، كميات كثيفة منها تُطلق. إذن حتما عاد أبي

لكن أم مارسيل لم تعلمه بذلك، ربما أنها أرادت أن تجعل من مجيء والده حدثا مفاجأ، ولهذا السبب تركته يبقى في سريره بسبب المرض وهرعت هي لإحضار أخته الصغيرة عهد من الحضانة، ولنفس السبب مؤكد بأن عمته عائشة اشترت لهما سترتين جديدتين.

لكن أبي باغت أمي وقدم قبل الموعد المحدد… هكذا تسارعت الأفكار إلى مخيلة الصغير لدى محاولته جر كرسي ليتسلق رف أواني الطهي البلاستيكي في المطبخ ويطل من النافذة التي تكشف واجهة المخيم أملا في رؤية والده الذي بات ينتظره منذ ثلاثة أعوام.

كيف سيكون شكل والده؟ هل أصبح مارسيل طويلا مثله، أما زال قويا ويمكن له أن يحمل كيسين من الدقيق على كتفيه في آن واحد؟ وهل ما زال ذلك الخيط ملتفا حول معصمه؟

بعينين يلمع بهما شغف وصل إلى الرف الأخير وبحذر شديد حاول الانتصاب حتى لا يقع ويغضب والدته التي أوصته بألا يغادر سريره إلى أن تعود.

ولكن المنظر كان مخالفا تماما للصورة التي رسمها مارسيل، لماذا تقف هذه الأشياء الغريبة قريبة من مدخل المخيم، وما هذه الصناديق المتحركة خضراء اللون؟
لا يمكن لأبي أن يحضر أشياء مخيفة بهذا الشكل إلى المنزل.

أم خالد تحمل ابنة ولدها خالد التي أحضرتها أمها وخالد معهما قبل يومين من المشفى عندما أحست نعمة بأن البالون الذي في بطنها سيطير إلى الخارج.

حركة غريبة فعلا وأصوات المفرقعات أضحت كثيفة جدا.

هبط مارسيل إلى الأسفل، وركض باضطراب في كل اتجاهات غرفة المنزل الوحيدة، تسائل: لماذا تأخرت أمي، لم يكن يجدر بها تركي وحيدا،

صوت انفجار قوي شل حركة الطفل تماما، تسمر في وسط المكان وانصت إلى صراخ الجارات اللاتي كن يقلن أشياءا مرعبة، كأنه سمع دعواتهم للهرب من المنازل،
اغرورقت أعينه بالدمع وبحركة سريعة ركع بجسده الصغير الهزيل تحت سريرهم جميعا، التقط حذاءه وانزلقت قدماه فيه دون أن يرتديه تماما وخرج من المنزل.

في الطريق المؤدي إلى قاعة النادي كانت تتوجه أم خالد راكضة والصغيرة بين أحضانها، أوقعت غطاء الطفلة الوردي ولم تلتقطه فانحنى مارسيل ورفعه وركض وراءها،
كانت المسافة بينهم بعيدة نسبيا ولكنه سمعها تصرخ وقد توقفت لحظة، باسم والدته وأخته، كما وأنه رأى فتاة وسيدة ملقاتان في وسط الطريق.
اقترب منهما، وقف فجأة أمام والدته وشقيقته، أدنى رأسه قليلا وجعل يمعن النظر في جسدين ملطخين بالدم، صرخ بهما بكل قوته: انهضا، اسرعا، سيدوسكم الناس إن لم تنهضوا، سأحضر ماء لأغسلك يا ماما ويا عهد… أطبق أسنانه وقبضتاه على غطاء طفلة خالد ونعمة ولكنه سقط رغما عنه،
التفت وقد انهكه السعال بسبب الجري والمرض والخوف،
لا أحد هناك…
اقتربت العمالق الخضراء وصوتها مرعب ،
اختفى مارسيل بين البيوت ثم ركض باتجاه المنازل حتى وصل طرف المخيم حيث أرض مقفرة،
اختبأ وراء جدار اسمنتي صغير لكن صوت المفرقعات يعلو ويقترب،
نهض مارسيل ونظر إلى الأرض المليئة بالأشواك ولم يرى إلا الفزاعة، لم يبقى من حوله شيء إلا هي،
الشيئ الوحيد الذي يقف منتصبا ويبدو بعيدا،
بدأ يجري باتجاه الفزاعة وينظر بين كل خطوة وأخرى إلى الخلف،
بعينين تملكهما الرعب وبمزيج من صوت لاهث باك، اقترب منها وكانت ما تزال مشرعة يديها،
قفز باتجاهها وعانقها بجنون،
مرة أخرى نظر إلى الخلف ورأى الغبار والنيران في المخيم،
تشبث بقوة أكبر يحاول الاحتماء بالفزاعة التي كانت مرتفعة قليلا…
بيديه الصغيرتين جعل يضربها ويدفعها إلى الوراء ويبكي دون أن يقول كلمة واحدة،
لم تعانقه كما كان يظن.
هبطت يدا الفزاعة نتيجة للكماته المتكررة،
أجفل لحظة ثم ضمها وعاود عناقها وتقبيلها برجاء وفجأة بدأت الفزاعة بالتخلخل،
دفعت بالصغير على الأرض وسقطت فوقه،
حاول تخليص نفسه وعلا صوت صراخه ولكن أصوات المفرقعات كانت مرتفعة أكثر مما ينبغي.
استأنف محاولاته مرارا في جر نفسه من تحت الفزاعة ولكنه عجز عن ذلك
ومع تكرار المحاولة وانغماس أنامله في التربة وتسربها إلى العمق، أحس بأنها علقت في حبل ما في الأرض وقد بدا له متينا بعض الشيء، شد نفسه إلى الأعلى ممسكا بالحبل عله يعينه على الخلاص ولكن يده أفلتت بقوة وخرجت من التراب.
في طرف أصبعه التفت أجزاء من خيط رث، لكن أليس هذا هو الخيط الذي طالما ارتداه والده في معصمه،
نعم،
هذا جزء منه.
ولكن كيف… ولماذا؟
وترى أين يكون والده
!...

خارج دائرة التغطية

بداية
لا أدري كيف اتخذت القرار أخيرا بأن "أحصل" على مدونة
ثانيا
لا أدري لماذا أختار هذا المكان بالتحديد لأسجل مدونة مع العلم بأنني أعمل في مشروع لتشغيل المدونات ولي الحرية في أن أختار الاسم الذي أريد دون أن يكون قد سبقني إليه أحد
ثالثا
لا أدري لماذا أختار بأن تكون كلمة مروري دعوة لكم لوقف القتال أيها البشر
رابعا لا أدري لماذا أختار اسم
logged-out
وكأن تلك السلسلة التي باتت تشدني منذ فترة وتمنع وصولي إلى هنا أدركت بأنني قد نجحت في الإفلات من الخناق نسبيا ولكنها عرفت بأن حلقة منها ما تزال تساور كاحلي فأبقى هنا وهناك، بين بين، مع نفسي ومع سجني القديم
خامسا
لا أدري لماذا اخترت هذا القالب
الأسود كان الأنسب لنظري ولكني لسبب لم أعرفه تخطيته
الملون يشعرني بأنني مكشوفة جدا، عارية جدا
النبيذي كان جميلا ولفت نظري بسرعة ولكنه يذكرني بدالية العنب التي كانت في بستان بيتنا القديم ولسبب أقتلعت
هذا اللون أقرب إلى الأسود والملون والنبيذي معا
أحبه الأكثر
سادسا
لماذا أكتب هذه الأشياء الغريبة
سابعا
لماذا الأرقام ويوما لم أستخدمها في كتابتي
لا أدري ومن يدري
عسا أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم
وهل أكره ذلك
لست متأكدة من ذلك
أعرف شيئا
وهو أن كثيرا من الوقت سيمضي قبل أن أدري تماما

Monday, January 15, 2007

أحذية كثيرة ولكنها مهترئة

بدت لي أول الأمر مختلفة تماما، شهية أكثر مما ينبغي بالنسبة إليهم، فعلى نغمات موسيقى شرقنا المجنون تكشفت ملامح أشياء جديدة ومخططات تلوح في الأفق، تمايلت بخفة واتقان عجيبين حتى استنفذت كل ما لديها من طاقات وهمم، حاولت أن أعرف من خلال عينيها الملطختين بكل شيء الا البراءة التي عهدتها فيهما، إن كان كل ما تقوم به متعة وجولة إغراء أخرى أم مجرد انتقام..
قبل ذلك كان الجميع يستمتعون في النظر إلى الوجه، حيث عالم الفرح الحقيقي، وأما الآن فهم يستمتعون بكل ما هو دون عنقها، معالمها الأنثوية التي لم تكتمل بعد، كيف يمكن لهم أن يحصلوا عليها كما هي، لذيذة بريئة، جريئة ساذجة متفهمة، ولكن ما يعييني هو أنهم يتوهمون ذلك حيث أن أحدا لا يعرفها كما أعرفها أنا، كما درستها كما حفظتها عقدا ونصفا من الزمن، فعلى الرغم من جميع الحواجز التي حاولوا أن يضعوها بيننا مؤخرا والعزلة التي ترك كل منا فيها، ما زلت أرى نظرة وقعها أمرُ من هبيد الحنظل كلما تلاقت أعيننا، كانوا يظنون بأني قد أفرح لفرحهم ولأنهم اتخذوا القرار الذي يعتبرونه صائبا وأجزم بأنه الأغبى، من المؤكد بأنه لن تنتابني سعادة للتفريط بجزء من روحي وجسدي، شيء منها تغلغل في داخلي قبل أن تضرب بقدميها الرقيقتين أجزاء جسدي فتمزقه وتهلك نفسها إلى الأبد، ليسيل لعابهم فحسب.
إن كانت ستفرح بالفساتين الكثيرة الملونة فسأشتري لها ألف دمية وملابسها، إن كانت ستفرحها كلمات الحب والغزل فسأرشدها إلى طريقة تكبح بها رغباتها التي غدت شرسة مدة أطول، وليتها تقنع بأن كل تلك الكلمات مؤقتة ستنتهي عاجلا أم آجلا، هل وعدوها ببيت أشبه بقصر يلدز وغرفة جلوس تجهزها على هواها وتمارس فيها لعبة الملكة التي لا تفارق أريكتها المخملية النبيذية، سأحضر لها ملايين كتب الغابة الخضراء وروايات الخيال، وأما الرحلات والنزهات وعبور البحار فستجده لدي، سأمنحها كل ذلك على طريقتي ولكن أتركوها لي وأنهوا عزلتنا.
ها هي تنتهي أمامي قبل أن تولد من رحم الرعونة، أقنعوها بأن أوضاعهم المادية لم تعد تسمح بإيواها في المنزل بكلمات جميلة، ستضحين بكل شيء من أجل أشقائك ووالداك ولن ينسى أحد ذلك الصنيع لك، فأخوك الأكبر قد تزوج وبالرغم من التزاماته الحياتية إلا أنه ما زال يضع في يد والدتك نقودا لتعيلك أنت وشقيقاتك فيبقى البيت مفتوحا، أما إن ذهبت أنت فسيخف الحمل وتنتهي كل المحن، أخوك الأصغر سيتزوج قريبا ونظرا لقلة حيلته سيضطر وزوجته للعيش معهم في ذات المنزل فيصبح المكان ضيقا وإن ذهبت سيتوفر سرير آخر، والدك اليوم لم يعد قادرا على تأمين مصاريف البيت وإن تركت المنزل وذهبت فلن يكون مضطرا لدفع قسط المدرسة الحكومية شبه المجانية، وأما شقيقتك الأكبر فلا تقلقي بشأنها لأنها قريبا ستكون مضطرة لترك الجامعة كما تركت خطيبها الذي اكتشفوا بأنه فقير وشجع.
لن تكوني مضطرة للدخول في جدل عقيم مع أحد بعد اليوم، شقيقيتك لن تشاركك هذه السترة أو تلك، سيكون لديك منها الكثير الكثير، ستعيشين حياة لم تحلم بها فتاة جامعية خرقاء، لن تكوني مضطرة للعمل خارج المنزل كما يفعلن ولن تكوني مضطرة للمشي بعد اليوم فلديك من يوصلك إلى حيث تريدين شرط ألا تقودي عربة أو تتعلمي القيادة أصلا.
كم أخاف عليك من الغد، أن تدور الأيام ويكون مصيرك كأمك التي لم تكمل تعليمها واختارت الحياة المرفهة، كانت مرفهة ولكن دوام الحال من المحال، وها هي تموت في اليوم ألف مرة لمجرد التفكير بأنها لم تنه تعليمها، لكن هل تنتقم من نفسها فيك أم ماذا؟
كيف لك أن تتركيني بعد أن وعدتني بأنك لن تفعليها، لن ترتكبي تلك الحماقة ولن تتأثري بأي ضغط يمارسونه عليك، كيف سيكون لنا أن نسترق من العمر ساعاتَ بعد منتصف الليل لنلهو ونتبادل أطراف الحديث فيطيب لنا السمر، كيف سأحتمل خروجك لآخر مرة من باب غرفتنا، وحتى إن عدت إليها فستعودين انسانة أخرى لن أعرفها كما هو الحال الآن، في اللحظة التي تصرين فيها على قتل كل الأشياء ونحري بطرف صفحة تطوينها في دقيقة، ألا تأخذين نصف دقيقة أخرى لتفكري بما قلته أنا لك؟ ألا أستحق ثوان معدودات؟ لا تعرفين بأنهم اختاروك لأنك غير ناضجة تماما، المرأة عندهم بنصف عقل وأنت أقل من ذلك، يريدون صقلك تمثالا من جزئين يتحركان فقط، فم لا يردد إلا "نعم" وجزء لقضاء متعة لا يهم أن تنالي منها إلا الصدمة في سنواتك الخمس عشرة. لوليتا لم تكن إلا نزوة وخطيئة ولا أظنك ستكونين بحال أفضل منها يا صغيرتي، ارقصي ارقصي واسحقي كل ذكرىً كل قبلة كل مشروع اشتركنا به يوما، كل مخطط لأن نتسابق فنرى أيا منا سيقذف الحصوة في البحر أبعد لأننا إن ذهبنا سأقذفها أبعد لأنه لن يفسح المجال لك بأن تكوني لوحدك بعد اليوم، سيكون لديك طفل تحملينه في جوفك كل مرة، وأعرف بأن روحك الرياضية ضيقة ولن تحتملي هزائم أخرى وأكبر... ارقصي فرحا بثوبك وانتعلي الأعلى من الأحذية علك تصبحين أطول فترين الحقيقة من مكان ما ولكن حذار من السقوط أيضا، ارقصي وارسمي ابتسامة أعرض علها تُسيل لعابهم أكثر، ارقصي فرحا إنها آخر لحظات حبنا القديم، آخر مرة نلتقي وآخر مرة أعرفك ولا أعرفك، أعدك بأني سأكمل تعليمي الجامعي حتى وإن وقفت كل التيارات معاكسة في وجهي، سيكون لي حياة يا شقيقتي الصغرى يا شريكة عمري وملابسي وهفواتي وأكواز الذرة ورشفات الطفولة، لكن عديني بأن تتمرني جيدا على ارتداء الحذاء أو الأحذية الكثيرة ذات الأكعاب العالية وأن ترقصي بهذه الغبطة كثيرا وأن يسع صدرك كل الإخفاقات. وأما زواجك هذا فلتباركه السماء التي أقنعوك بأنها تريده أو تحبذه.