Monday, September 24, 2007

هوس معجون الأسنان

في الصباح وأنا أنظف الوعاء الذي يحتوي فراشي الأسنان والمعجون لاحظت بأن الوعاء قد انتهى تقريبا وتذكرت أنه الشيء الذي أقف في "السوبرماركت" مدة طويلة أحاول تذكره وأنساه في كل مره...
ليلة البارحة نظف الجميع أسنانهم وناموا إلا أنا ووالدي، دخلت الحمام، حملت فرشاة الأسنان والمعجون، تبا، سأنظف أسناني حتى وإن اضطررت لعصر الإناء،
أسناني نظيفة وتملؤني راحة نفسية
غفوت سريعا واستغرقت في أحلامي أو كوابيسي
حلمت بأنني دخلت الحمام وأنني وجدت إنائين من المعجون، القديم وقد بقي به القليل وإناء فضي جديد أيضا،
حمدت الله في حلمي وزال عني هم ثقيل
حلمت بعدها وفي عملية انتقالية غير مترابطة بأنني أنام في سريري ويؤلمني ضرسي ألما شديدا ولا أستطيع الغفو
صحوت في الصباح
لا معجون! .
ذهبت إلى الدكان لأشتري عددا من الأغراض الضرورية
وقفت حوالي 10 دقائق وأقول لن أخرج قبل أن أتذكر شيئا أحس بأني نسيت شراءه
بدأ صاحب الدكان يرمقني وكأنه يريد أن يخاطبني قائلا: مطوله الوقفه، شو طلع معك كم من علبة في على الرف
لم أستطع التذكررر
خرجت من الدكان وأنا أعيد حساباتي وأستخدمت طريقة من النهاية إلى البداية في استرجاع الأحداث
ولكنني كنت أحوج إلى استخدام النهج المعاكس هذه المره
جلست في المنزل ومع انشغالي بعدد من الأمور نسيت الأمر
فجأة ودون أي سابق إنذار لمعت الصورة
صورة معجون الأسنان
الشيء الذي لم أتذكره
عندما نسيته تذكرته
تحدث معي كثيرا، عندما نصمم أن نتذكر الأشياء ننساها
وعندما نصمم أن ننسا الحوادث أو الأشياء لا تغيب عن أذهاننا لحظة وتبقينا نلوب في أماكننا حتى أننا أحيانا نستفز من أنفسنا ونغضب!

Sunday, September 23, 2007

أخبار الصباح اللي بعد امبارح

أخبار اليوم مبهمة وغريبة وغير مطمئنة
في خبر سريع غير واضح أبدا
تصريح عن القصر الملكي الأردني بنية منح 90 ألف مواطن مقدسي فلسطيني جوازات سفر أردنية بهدف حماية المدينة المقدسة من خطر التهويد الذي يتهددها
انو شو دخل طز بمرحبا؟
في خبر تاني أظن وإذا ظني ما خانني في منتصف تموز
نفى ياسر عبد ربه تصريحات صادرة عن مكتب أولمرت بنيته السماح لقوات أردنية متخصصة في مكافحة الإرهاب للدخول للضفة الغربية (جيش البادية) واللافت للنظر أنه تم تحديد عدد أفراد المجموعة ولا أذكرها
كمان خبر من كم من يوم
اسرائيل تعلن غزة تجمعا معاديا وأميركا تدعم
ومن ليلتين
السيد الرئيس الله يديمه حارسا للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني المناضل على هذه الأرض الطهورة، المهم أنه يبارك قرار قادة فتح الغزيين للرجوع إلى القطاع ويشد على أياديهم
عجيبة اللي بيسمع ما بيقول انهم أول من ترك غزة مع بداية الأحداث المؤلمة
انو شو عدا ما بدا؟!؟!

Saturday, September 22, 2007

أخبار على الصبح

أخبار هذا الصباح:
- المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تعلن رسميا وصول 117 فلسطينيا وافدا من مخيم الرويشد على الحدود العراقية للبرازيل في خطة تضمن توطينهم "مجددا" ونيتها إغلاق مخيم الرويشد نهائيا خلال شهر أيلول...
ومصدر آخر قال: "إغلاق ملف مخيم الرويشد نهائيا"
ملاحظة من عندي: طبيعي نهر البارد كمان ودع ويعطيكم ألف عافية... وبصراحة مش قادرة أعلق

- رايس في المنطقة و.... المهم أنها تبذل جهودا حثيثة لاقناع العاهل ال***** بالمشاركة في مؤتمر "السلام" المتوقع عقده الخريف المقبل لصياغة سياسات تقوم على دعم التعاون المشترك مع اسرائيل، ألخ ألخ ألخ...
كمان ملاحظة من عندي: نظرا لحرصي على ألا أمنع من دخول أي دولة عربية "عزيزة شقيقة" لن أذكر اسم العاهل بصراحة ولكن أود أن أطلب إليه التخلي عن سياسة "نفسي فيه وتفو عليه" عشان عيب يعني، صارت طبخة بايته، ومش
ضروري تتقل كثير على المراة ما اسمها إلا قاطعة كللللللل الطريق من أميركا وهازة طولها وجاي
بايعينها بايعينها

Tuesday, September 18, 2007

واحد شاي بس مزبوط

اليوم وأنا أتناول كأسا من الشاي تراءات لي عشرات الأفكار والذكريات في البخار المتصاعد عشوائيا أحيانا وباتجاه معاكساتي أحيانا أخرى
أعاكس بخار الشاي؟! وما ألذ الشعور... استغرقت في ذلك وجعلت أمضي على جنح فكرة في كل مره حتى وصلت إلى سكه أو سكا
أحسست بحنين كبير إلى طبيعية سكا وأصالتها وإلى ذلك اللون الأبيض، وإلى تلك اللحظات التي حاولت فيها أن أعيش لحظات وجودي في مكان أعرف أن أجزاء مني تعانق ترابه... يال طهر الأشياء قبل أن يمسها بشر، وما أطيب الشاي البدوي الذي يميل لونه إلى الخروب وطعمه إلى العسل، علما بأني اليوم في غير سكا أحب شايا عاديا خفيف السكر... أضحك عندما أستذكر صدمتي وذهولي أو كميات التركيز الكبيرة التي كنت قد استخدمتها عند الاستماع إلى أحاديث الجدة نواره، وتفاجئي عندما تصمت وتنتظر مني جوابا لسؤال أكتشف متأخرة ماهيته... وأرتبك محاولة الاستعانة بمن حولي لترجمة بعض الأفكار... وكأنني من هونولولو أو موريشوس فتنهرني الجدة سريعا وتقول "ما تفهميني؟؟؟؟" فأبدا بالتساؤل سريعا عن بعض المرادفات التي لم أستطع تحليل أصولها فتنفتر عن ثغرها ابتسامة ذهبية، وتلمع عيناها فأتصور للحظات بأنها كانت أجمل فتيات القبيلة في وقت ما... تشرح لي المعاني من خلال قصص وأحداث وتستغل كل لحظة لتلقنني درسا في شكل حياتنا وفي تقاليدنا وعاداتنا.... تربت على كتفي وتضمني أحيانا وتستعيد في رائحة جدي وأخاها البعيد
أذكر أننا حين تحولقنا حول الدلة والكؤوس عم الصمت والجدة لم تتحدث وكأنها تريد لنا أن نعرف درسا غاب عنا حين سقفتنا بيوتنا وابتعدنا عن طبيعتنا الأولى... بصراحة كنت مترددة في بداية الأمر عندما جلسنا وظننت بأن حديثا يجب أن يدور ولكن شكل الجدة أخذني بحيث كنت أراقب توجه نظرها وأحاول التركيز وبدأت حينها أفهم لماذا أجلستنا هنا بالتحديد، على طرف الجبل ومقابل جبل وبجانب جبل، الأشياء صادقة صريحة واضحة بيضاء لكنها ليست الجنة
جلسنا وقتا طويلا هناك وبدأت أتساءل في صمت عن الزوايا وعن أمور تخص شكل الحياة قبل أن تتحول سكا إلى قرية ويتحول فيها البدو إلى الطابع الريفي أكثر، أين يمكن لجدي ان يكون ولد، أترى هنا؟ أم أنهم لم يمتلكوا أرضا أصلا وكانت حياتهم ما تزال قائمة في ذلك الحين على الترحال والتنقل؟؟؟ هل أتمنى أن أعيش هنا، لا أظن، فأنا لا يمكن أن أتأقلم بسهولة مع الطابع المحافظ بمفهومه التقليدي، ولكن الأشياء هنا طبيعية إلى حد كبير، بسيطة وتحتم على الإنسان ابتكار أدواته وتلبية حاجاته وهنا تكمن اللذة، اكتشاف الأمور وعيش الدهشة الأولى أمام ذلك، مهما تكن الحياة صعبة إلا أنني أحيانا كثيرة أتمنى لو أن أكون هناك ويصقلني بياض الأشياء
ما أعظم أن لا يملك الإنسان شيئا أو أن يصل إلى مرحلة يدرك خلالها جيدا أنه قادر على العيش دون أن يمتلك شيئا إلا نفسه

Saturday, September 15, 2007

إليك عبد الرحمن كلمات وحسب

عزيزي عبد الرحمن،
اشتقت إليك كثيرا وأحس بوحدة أكبر في غيابك، فمجرد عدم وجودك يشعرني بالعري والبرد أحيانا وبالضياع أحيانا أخرى
لم أكتب إليك حين كنت رفيق هذه الدنيا وربما لا أستطيع اليوم أن أتخلى عن حاجاتي المجنونة للكتابة إليك، قررت أن أكتب لحصة حتى أسألها عنك المزيد فأبدد الأحاسيس الغريبة التي أشعر بها...
كنت قد حصلت على بريدها الالكتروني من إحدى زميلاتي التي يعمل والدها لدي زوج حصة في الرياض وعرفت بأنها تنتقل بين دمشق والرياض ولا أعرف ماذا أقول لها أو كيف أبرر أسئلتي الكثيرة عنك وأشواقي إليك... بحثت عنك كثيرا حتى أنني قررت السفر إلى سوريا لأعرف المزيد عن آخر أيامك، لكنني عدلت عن الفكرة وأعتقدت أنه يجب أن أفهمك أكثر، لا أدري إن كان المصطلح صائبا فأنت أوضح من أن أنهك نفسي في فهمك ومشكلتك الكبرى أنك شفاف ولا تعرف تلوين الأشياء، عجبي أن الوقائع باتت تذهلنا اليوم وأنت عندما كنت تدخلنا في أدق تفاصيل الحوادث تفتح لدينا أفق واسعة، أضحينا نعرف عن أنفسنا حقيقية شائكة، مفادها أننا بشر وأناس تحديدا، أتدري كيف اجتمعنا لأول مرة؟ أعرف أنك على يقين بأنه كتاب ولكن الواسطة كان نفسا صحراويا وحين كان ثلاثتنا هناك وابتلعتنا أصولنا أحسست بك وودت لو أني التقيك كيفما كان... عبد الكريم حدثني عنك وكأنك أكثر من أخ وزاد من شغفي إليك، مذ ذلك الحين أصبحت منكبة على البحث في كل قصاصة ورق وكل كلمة وفاصلة وحرف تعنيك، بدأت من النهاية إلى البداية وأنت هكذا بدأت أيضا وبالمناسبة أود أن أعلق على نهج "النهاية إلى البداية"، معقد قليلا ولكنه مسل وذكي في الوقت ذاته، حاولت أن أجربه مرة أو اثنتين لكنني لم أركز فيه كثيرا، ماذا عن الأولاد عبد الرحمن؟ التقيت شابا سوريا قبل عدة أشهر وسألته عنك عله يفيدني قليلا في معرفة المزيد، تقتلني طريقتك في كشف كل المكشوف وإخفاء ما أعشق أن أعرفه،،، أقدر أنك كنت تجد متعة في البحث عن الأشياء وهكذا تريد أن تعلمنا ولكنك ذهبت بسرعة، ترى من كان إلى جانبك أيامها؟ هل كان مزاجك سيئا؟ هل كتبت؟ أعني غير أمنيتك بأن تعيش لسنتين أخريين، مؤكد ليس لأنك تحب أن تعاشر عهر الدنيا ولكن لتقول ما كان يجب أن يقال، هل أخبرت أحدا عن ذلك؟ لماذا لم يخبرونا؟ أنا في انتظار "الباب المفتوح"، لم يسرق أحدهم الطبعة الأولى من الكتاب بعد وبالمناسبة لقد كنت أول من أدخل طبعة أسماء مستعارة إلى البلد، ولدي منه نسختين، شاءت الصدفة أن أجده في الدار الأهلية في عمان وأن يهديني طبعة أخرى صديق عرج على دمشق فعدت إلى العمل بعد عمان وأنا أحمل في حقيبتي الصغيرة الأسماء المستعارة وحين دخلت المكتب وجدت نسخة أخرى متروكة على لوحة المفاتيح... سعدت كثيرا بها وبك وببداياتك الساذجة، أحبتت تفاصيلها التي تشبه حياتنا، كما عودتنا، تكتبنا لنقرأ أنفسنا ونفهمها... ليس هذا كل ما أود أن أقول ولكنها مجرد كلمات لاحت في ذهني وقلبي معا، جرحتني الأحداث الأخيرة على الساحة وحاولت أن أقرأ العراق ولكنني أعرضت لشعوري بقرف شديد، آه ه ه ه يا عبد الرحمن كم أود أن تكون هنا اليوم لتخفف عني قليلا ويغيب الضياع ، آه كم أحتاج إلى مجرد الشعور بدفئ وجودك وربما لذلك أبحث عن أي قطعة تخصك
نم قرير العين عزيزي فكل ما ذكرته يوما نحن نطبقه بحذافيره ولا تقلق بشأن الشرفاء فلن يطيلوا الغياب وسيلحقونك قريبا
أعشقك

Wednesday, September 12, 2007

أنت

في ساعات المساء وقف أمام المرآة وقد أحكم إقفال باب غرفته ليتفرد بها ويجربها
عانقها تارة وجعل يديرها تارة أخرى ويتأملها، يمرر أصابعه على عنقها الطويل وتذهب به الأفكار إلى تأمل مشاهد يكون فيها أكثر صلابة...
يقف ويطبق عليها بإحكام وتتغير ملامحه نحو القساوة تدريجيا،
يخاطب المرآة سائلا من فيها بغضب مصطنع وبصوت بالكاد يسمعه هو: "من أنت"؟
فيجيب صوت العقل: "أنا أنت"
وبتوتر لا يقل عنه في مشهد حقيقي يقول: "أنت لست أنا! ، سأقتلك..."
ردد أنت من المرآة: "سأقتلك"
ووسط توتر الموقف وتعاظم شحنات من الجنون والعصبية، لم يستطع "أنا" كبح جماح نفسه، فضغط الزناد وانطلقت الرصاصة نحو "أنت"، ارتدت عبر زجاج المرآة، وفجأة اختفى "أنا" حتى قبل أن يختفي "أنت" بلحظات.
23 آب 2007

بعض النظرات... بعض الضحكات

بعض النظرات ننساها وبعضها تعلق ونستعيدها فتثير بنا زوبعة لا تنتهي،
أحاول أن أفهم نوع القوة المغناطيسية التي استخدمها ذلك الطفل أو الشاب ليأسرني منذ تلك الليلة وبعدها...
أعرف أني التقيتيه غير مرة ولكني لم أولي اهتماما لوجوده أبدا، فالتواصل معه لم يتعدى ابتسامة مشفقة كنت أرسمها على وجهي بصعوبة، لم أنظر إليه إلا كطفل أو كأي قطعة أخرى في ذلك المنزل...
كنت أزور صديقتي من فترة لأخرى، لم تخبرني يوما بأن لديها شقيقا ولكني فوجئت به لدى زيارتي الأولى لبيتهم.
في بادئ الأمر بادرت بإلقاء التحية وعندما اكتشفت الأمر صدمت حقا وتجاهلت الموضوع كليا، قذفت بأي فكرة كان من الممكن أن تقفز إلى مخيلتي إلى زاوية بعيدة من رأسي الكبير –الكبير حجما- قذفت بها كأي مساحة بيضاء أمارس عليها لعبة قتل الأفكار لكي لا أستعيدها مجددا.
كيف كنت غبية ولم أفهم ما حاول أن يقوله ذلك الطفل الذي يصغرني بعامين أو ثلاثة أعوام على الأكثر، وكيف يمكن لي وشقيقته أن نكون بهذه القصوة؟ فأنا التي اشتركت في عدد من ورشات العمل التي تدعم حقوق هذه الشريحة بالذات لم أتقن سوى اصطناع ابتسامة ليس إلا، ولكنه عرف تماما كيف يرد لي ذلك ويصطنع ابتسامة أقرب إلى الاشمئزاز والحياء والاعتذار في آن واحد..
عندما زرت صديقتي في المرات السابقة، لم يكن مسموحا لشقيقها بأن يتناول الطعام معنا أو حتى أن يجالسنا، ارتحت أنا لهذا الإجراء ليس لأنني لم أتقبل شقيق صديقتي بل لأنني لم أستطع تقبل إعاقته البسيطة.
شقيق صديقتي يعاني من إعاقة عقلية أثرت على نطقه وعلى حركته إجمالا.
رأيته ثلاث مرات أو أربع، في المرة الأولى صدمت لوجوده وفي الثانية لم أعبَره وفي المرة الرابعة لم ألحظ وجوده أصلا على الرغم من التزامه المنزل.
أما هذه المرة وعندما وصلت لعيادة والدتهم المريضة فقد خرج لاستقبالي ووالدتي أيضا، فرحت لرؤية والدة صديقتي جالسة في البستان ووجهها يشع نضارة على الرغم من كميات الحزن التي لم تفارق عينيها قط، وما أن انحنيت أقبل وجنتيها الورديتين وأدعو لها بالسلامة حتى فُتح الباب الحديدي للمنزل فجأة ليطل منه وجه شادي مليئا بالفرح، استقبل والدتي بحفاوة لا توصف حتى أن الكلمات وإن لم تخرج من فمه سليمة، خرجت من عينيه الرائعتين صادقة تتوجه إلى القلب مباشرة.
سررت لرؤية شادي أو أسعدتني ابتسامته التي تغلغلت إلى أعماق داخلي..
خرجت كلماته ثقيلة من بين أسنانه وقال لأمي وهو غاية في البراءة: "أنا أعرفك، أنت فدوى" فأجابته أمي بحنان كبير وسألته عن حاله ومقدار اشتياقه لها، فأجاب بسرعة بأنه يحبها كثيرا ويذكر أنها كانت توصله بسيارتها إلى المدرسة التي يكرهها!.!.أردت في تلك اللحظة أن يحدثني أيضا أو يقول أي شيء ولكنه وعندما أصبحت وقفتنا مواجهة صمت وغابت عن وجهه تلك الابتسامة المتلهفة، ما زلت أقع تحت تأثير وجوده الذي عج به المكان وبالتالي ابتسمت بصدق تلقائي أيضا، صوب نظره إلى عيني مباشرة وبجرأة لم أعرفها من قبل، نسف أي قدرة لي على الكلام، لا أدري إن كنت قد انتظرته ليتكلم ولكنه بابتسامة اعتذار صغيرة انسحب.
ركض باتجاه السلم وصعد إلى البيت مسرعا ثم نظر إلي ثانية قبل أن يطأ العتبة وضحك برعونة طفل ونشوة ثمل.. تسمرت أرجلي واقشعر بدني وأظن أن عيناي تكورتا بشكل لافت للنظر الأمر الذي جعل والدته تدعوني للدخول ورؤية نانا –صديقتي- أظن أني تحركت بسرعة وغباء في تلك اللحظة نحو الباب السفلي للمنزل، دخلت وتمنيت لو تبتلعني كل الأشياء.. مشيت في الممر الطويل الموصل إلى غرفة الجلوس وسط الموسيقى الصاخبة التي تستهوي نانا كثيرا ويضج بها المكان، صادفتني مرآة في الممر، وقفت أمامها أحاول لملمة أجزائي المبعثرة، فباشرت أصابعي في ترتيب شعري الكثيف واكتشفت أن عيناي تهربان من المواجهة لأن النظر فيهما يعني استعادة صورته واستعادة لقاءي الأول بشادي الذي اعتبرته مسكينا ومعاقا ليس إلا..أنقذني خروج نانا من الحمام وقطرات الماء تتساقط من شعرها وكأنها خيبتي..استقبلتني بحب كبير وغمرتني، كرهتها في تلك اللحظة، فهي لم تدعني أحب أخاها يوما ولم تحاول أن تفتح مجالا لأي نوع من التواصل بيننا، فصممت على ابعاده.
في زياراتي السابقة كانت تدخلني إلى غرفتها وتقفل الباب وتوصي والدتها بأن يأكل شادي قبل أن نأكل نحن وألا يقتحم الغرفة علينا، مع العلم بأننا لم نقل الكثير من الأمور المهمة ومع هذا كان يطرق الباب دائما محاولا الدخول إلى عالمنا ومشاركتنا الأحاديث وتناول رقائق البطاطس أو القمح...كانت طرقاته لا تنتهي إلا إذا طلب والداه منه تأدية مهمة ما، وأما عندما يأتي موعد تناولنا الطعام حسب توصيات نانا، كان شادي يُجر إلى غرفته وترافقه والدته.. كم كنا حمقى عندما أوصدنا أبوابنا في وجهه، كم قتلنا فيه من رغبات عظيمة وكم قسونا على أنفسنا نحن حين أخترنا الابتعاد عن عالمه البسيط المعقد.
واليوم يضحك في وجهي ضحكة اعتذار لأنه يتواجد أمامي!! حيث لا يجب أن يكون!.. وضحكة اشمئزاز لأني رفضته أصلا أو لم أمنحه فرصة أن يؤمن بنفسه كإنسان..
من غير الممكن لي أن أنسى صورته وهو يركض في الممر الطويل ملبيا دعوة نانا لأن يساعد والدتهما في حمل طبق خشبي... إنسان يتحلى بكل ما تحمله الكلمات من معنى، بالصدق والبراءة والشجاعة والذكاء والقدرة على إدخال الفرحة إلى القلوب بابتسامة سحرية.
نظرة الشفقة تلك لا تناسبه ولا مدرسة ذوي الاحتياجات الخاصة التي يذهب إليها أيضا، فكي لا يضطر للبكاء في كل صباح لدى ذهابه إلى ذلك المكان ولا تضطر والدته لذرف الدم بدلا من الدموع، يجب أن يرافقنا إلى كل مكان، إلى السوق والمقهى وأماكن عملنا أحيانا وإلى مركز التأهيل والتطوير أحيانا أخرى.
رفضه بأن يُسجن في قفص قضبانه خجل وقفله بحث عن "راحة البال" كما يسمونها أو تعب البال كما أسميها، رفضه واضح مع كل ضحكة، مع كل مرة يعانق فيها والده لدى وصوله من العمل، مع كل احتجاج وثورة يطلقها بمجرد أخذ القرار لعزله، مع كل مرة يقدم فيها يد العون لوالدته وأخته في المطبخ وتنظيف غرفة الجلوس، مع كل مرة يمنح فيها كتفه لجدته المسنة كي يعينها على المشي ومع كل مرة يهبنا فيها جسده وروحه بصدق..
شادي قد يبدو غريبا ولكنه من أجمل ما حرك في داخلي هواجسا وزوابعا لا يُسكَنها أن تكون شريحته ممثلة على قائمة الحركة الفلانية لوصول نسبة الحسم وحسب أو أن تفتح عشرات المؤسسات أبوابها لهم سواء بهدف تطويرهم أو تدميرهم عن غير قصد. هم طاقة آن لها أن تستثمر وتساهم في العطاء لهذا المكان، على الأقل أن لديهم الكثير مما يقدمونه وبكل صدق.
2005

Tuesday, September 11, 2007

أعتذر منك يا وطن...سأهاجر

ملاحظة هامة جدا جدا: لست أبدا في صدد محاولة تسميم أفكار أحد، لست أعمل لحساب أحد وبيني وبينكم ما حدا بيستاهل

ولكنني الآن أشعر بأني بحاجة لأن أهجرك يا وطن حتى لا أحضر مأساة أخرى تتعلق بالاستخفاف بانسانيتنا ووجودنا ها هنا،


بس معك حق يا ستي اللي استحوا فعلا ماتوا وما ضل الا قلال الحيا اللي عمت عيونهم الليرات، انو يعني حللنا نستحي شوي يا جماعة الخير، يم هيك عينك عينك بنقعد على الطاولات وبنتفاوض على مزاجهم، يعني افهم يا شعب، القبادة خلص باعت، وطلقت القضية بالتلاتة، بس الفرق انو يعني صرنا بنحكي بكل صراحة ومش مستحين اليوم، الاعلام بصرح انو في جعبة ولاد عمنا عرض بتضمن تسليم أجزاء من القدس وقضية اللاجئين في الباي باي وولاد ال**** موافقين وتجاوزوا ضمنيا قضية الجدار، مصادرة الأراضي والحقوق وغيرو وغيراتو،

بس بتعرفوا غيرت رأيي وضمنانه مجموعة كبيرة من اللي لازقين في تراب الأرض وطقوا وموتوا يا عبادين القرش

Thursday, September 6, 2007

عندما يرقص الناس

لماذا يرقص الناس؟ أو بالأحرى لماذا هكذا كما يفعلون؟ وهل جميعهم يحققون الهدف؟
رأيت أحدهم يرقص، كان مثيرا للاهتمام وكنت قد تابعته على مدى وقت طويل، يتثنى وتتغير ملامحه بين فينة وأخرى، لم يكن يرانا لأنه على الأغلب كان قد غاب عنا روحيا وخرج من ذاته و"ذات المكان" الذي يعج بخطوات الراقصين الآخرين، وعيون المتفرجين...
انتهت جولة أولى من الرقص وأخذ الجميع يعود إلى مكانه وقد عاد هو أيضا لكن بوقع مختلف تماما، بخلق وترفع غريبين، جلس بقربها ونظر إليها بحب دافئ، شرب قليلا من الماء وبدا هائما في حلم
عاودت الأنغام وارتفعت تدريجيا، سحبها من يدها وتحركا بخفة عجيبة، انزلقا كما ينزلق الماء العذب في تعرجات واد مهذب، لم يمضي وقت طويل قبل أن يغمض عينيه وتفعل هي كذلك ثم يصحبها حيث هو، كانا يرقصان على رؤوس أناملهما ويمضيان وقتا ممتعا في فضاءات بعيدة... يتسلقان ويدوران ويتنشقان روحا مقدسة
انتصف الليل ومضت ساعات أخرى وانتهى الاحتفال، مضى كل إلى منزله، رافق والدته إلى المنزل ورافقت والدتها إلى المنزل أيضا ورافقني قلب يخفق بسرعة خيالية وروح لم تعرف السكينة لوقت طويل