Friday, June 29, 2007

.

إلي يومين عم بحس باشي متل حبل عم بلفو بإيد وبحاول أفكو بالتانية وبتشلبك أكتر وبتعقد حولين رقبتي، حاسه حالي مش حالي، بدي أكون أنا زمان، مش كتير زمان بس يعني لمن كنت دايما بعمل كل شي بنفس، وأعمل كل شي غير شكل حتى لمن بكب زبالة البيت بكون مبسوطة،
وال ل ل ل شو زنخ الشعور،
جاي عبالي لما أتنفس أحس الهواء بيدخل جواتي زي لما بشرب مي بارده بعد ما أفرشي سناني أو زي لمن أكون عطشانة كتير وعلى الأغلب مش ماكله وأشرب مي باردة، هيك الواحد بحس فيها بتبرد كل جواتو، هي هاي الكلمة،
بدي استبرد عقليا عشان استبرد كليا

Wednesday, June 27, 2007

إيه ه ه ه ه ه يا وطن

بكلمات إنجليزية متعثرة وبمجهود عقلي كبير حاولت ايجاد الكلمات المناسبة لشرح الموضوع،
وأنا أبتسم وأحاول مساعدتها وفهم بعض كلماتها باللغة العبرية.
تساءلت في داخلي عما إذا كانت تجيد لغة غير العبرية، وما كان مني إلا أن سألتها عن أصلها فأجابت بأنها من هذه الأرض ولن أقول فلسطين هنا وتُفهم على أنها تعرفها هكذا وكما يجب،
سألتها عن أصل والديها وجديها لأتأكد أكثر فقالت هم أيضا من هنا، لسنا من مكان آخر،
هذا يعني طبعا بأنها فلسطينية يهودية أو بمفهومها هي اسرائيلية فلسطينية أو لا أدري تماما إن كانت تحب أن تدعو نفسها فلسطينية...
ابتسمت عندما أخبرتني أنها من هنا وكأنني وددت أن أقول لها أننا نشترك في فلسطينيتنا ولكنها سريعا هربت بنظرها لتتم عملها ...
بصراحة لم أتوقع أن تكون فلسطينية قط لأن معالمها شرقية جدا ولكنها لا توحي بالفلسطينية،
وفي تلك اللحظة عصفت في ذهني كلمات ادوارد سعيد بأنه لم يلتقى فلسطينيا قط قد تعب من فلسطينيته وأردت أن أرددها على مسامعها ولكنني أعرف تماما بأنها لن تفهم ما أقول وهذا عمق المأساة
ماذا فعلت "الدولة اليهودية" بالبشر واليهود تحديدا، هل منحتهم امتيازات أكبر أو حياة أفضل عندما سلبتهم تاريخهم وانتزعتهم من تربتهم الأصلية الطبيعية، لا أظن
الفتاة التي إلتقيتها البارحة لا تعرف لغة وطنها، العربية!
لا تعرف تاريخا أو تراثا وأظنها تحس بشيء من الاضطراب حيال ذلك،
هل هي يهودية؟ نعم،
لكن هل هي فلسطينية، هل ما زالت تحتفظ بشيء من إرث هذه الأرض،
لا أعتقد
وهل هي اسرائيلية؟
... "نعم و "لكن...
اسرائيلية منزوعة الهوية القومية فعليا لأن الديانة اليهودية لم تكون يوما قومية كما أن اسرائيل ليس قومها ... تعيش تلك الإزدواجية المتناقدة وغيرها عدد كبير من الناس اليهود الذين لا يعرفون تماما كيف هو الوطن، كيف هو ذلك الشعور الذي يأسر الأنفاس عندما يكون الإنسان على تراب الوطن... يعرف لنفسه مكانا وحقا وقضية، لغة وأهلا وأشياء أخرى بعيدة عن كل ما هو مادي ولا يمكن أن تصفها الكلمات
ربما نشعر بالحزن والقهر تجاه فلسطيني هُجر وترك أرضه قهرا، ويعيش على الأمل، ويستطيع أن يتخيل شكل الوطن ولكننا نحزن أكثر على أناس جرفها التيار العاتي إلى خديعة يعيشونها وتعذبهم كل يوم وحتى إن حاولوا تجاهلها...

Tuesday, June 26, 2007

كل شتاء وجميعنا بخير

واحد وعشرون عاما،
واحد وعشرون صيفا وواحد وعشرون شتاء مضت ولم أشعر بها كما أشعر الآن،
في هذا الصباح الشتوي، أصبحت على أولى قطرات تشرين تطرق نافذتي وتمسح عني درنا ما أو هموم سنة أو إحدى وعشرين...
لم يقتصر الأمر على طرق النوافذ وحسب، سرت قشعريرة ما في جسدي الدافئ وخفق قلبي سريعا لبرهة من الوقت قبل أن أنظر إلى الساعة... وأقرر النهوض إلى النافذة ومشاهدة هطول الأمطار،
هل هطلت الأمطار فقط؟
كم استغرق ذلك من وقت؟
لا تسألوني
آخر ما لحظته كانت مناكحة قطرات تشرين الماجنة لتراب الأرض العطشى منذ عام أو واحد وعشرين
أتمنى لكم صباحا تشرينيا دافئا
كل شتاء وأنتم بخير
11/2006
http://7aritna.com/files/alaa/02_-_Track_2.mp3

Sunday, June 24, 2007

مرهقة تملؤها السعادة

عادة هكذا تتدرج الأحداث أو تتساقط، ينتهي يوم متعب وتبدأ الطمأنينة بشق طريقها تدريجيا إلى أضلعي التي يضنيها الإرهاق، أعطي نفسي ساعة من الفراغ، فأتوقف عن العمل ، تلك هي فترة العودة إلى المنزل، غالبا ما أرتخي، ألقي برأسي على نافذة الحافلة أو إلى الوراء، أبدأ بتأمل الأشياء والمشاهد بغير وعي، وأكتشف متأخرة بأنني كنت قد اختزنت ما يكفي من الصور واللوحات. عندها فقط من الممكن لي أن أحس بحجم السعادة التي تجتاحني.
وأظن العلاقة طردية بين التعب والفرح.
عند وصولي إلى المنزل وبعد الأيام المضنية غالبا ما يكون الحمام الساخن أفضل مقدمة لكل شيء.
وخاصة للسقوط على السرير حيث تحصل المراجعة لكل الأحداث بدءا من الاسترخاء في الحافلة، تلك الساعة التي تحمل أجمل لحظات تذوق الالآم خاصة في أطراف أصابع الأقدام وأعلى الكتفين والفكين الذين كانا يحتفظان بابتسامة واسعة...
دعوني أخبركم عن الأمس، وعن قدر القوة التي تسللت إلي عبر شبكة من أروع الرجال والنساء، هكذا سأسميهم، ثمانية من الفتيات والفتية الذين إلتقيتهم في مخيم الدهيشة وقد كنا على موعد للتحدث عن مشروع كنا قد اشتركنا فيه، بالصدفة هاتفني بعض الأصدقاء وأعربوا عن رغبتهم في القدوم إلى المخيم في زيارة أيضا والتحدث للشبان والشابات عن مفهوم المقاومة، كانت تجربة من أروع ما يمكن، تحدث فيها الجميع هناك عن إنطلاقهم من الفن للتعبير عن النفس ولشرح القضية الفلسطينية، جزء من المجموعة هم من أعضاء الجيل الرابع من الفرقة الفنية التي تقدم عروضا مسرحية وأخرى راقصة تروى من خلالها آلآم الرحلة والغربة.
في مخيم الدهيشة يعيش أكثر من 11,000 فلسطيني هجروا من ست وأربعين قرية وبلدة، بعضها لا يبعد عن المخيم بضع كيلو مترات ولربما أن أكثر الأشياء مدعاة للسخرية هو أن أهل المخيم قاموا بتنظيم رحلات إلى بلداتهم الأصلية، فقضوا فيها يوما من حياتهم بعد النكبة،عندها تنشق الصغار عبق العودة وحبى الكبار فوق السلاسل الحجرية والتراب، هنا بيت الزعتر والميرامية ما تزال مكانها بعد كل تلك الأعوام، لكل منهم القدرة على تحديد موقع أرضه بدقة متناهية عجيبة ذلك على الرغم من أن القرية هدمت بعد أن هُجر أهلها...
عندما خرجنا في جولة في المخيم مررنا بجانب إحدى الدكاكين التي ارتشم مدخلها بعدد كبير من الذباب ومع ارتفاع درجة الحرارة التي ترافقها حالة من النزق الشديد لم تجد الذبابات والحشرات مكانا لها إلا مساحة صغيرة من الظل أمام الدكان،
وكأننا من سكان المخيم دخلنا وجلسنا هناك مع اثنتين من النساء الطاعنات في السن،
سألناهن من أين أتين وبمجرد أن ذكرن اسم القرية، تساقطت دموع إحداهن ولم تمسحها إلا بعد فترة وكأنها لا تريد أن تطلعنا على أنها تبكي أصلا وأن هذه الدموع ليست إلا بسبب الحر،
هل ستعدن اليوم لو سُمح لكن بذلك،
طبعا،
أضفنا: لماذا؟
قلن إنه الخير، إنه الوطن، إنها الحياة...
وعندما سألناهم إن كانوا يظنون بأن إقامتهم بالمخيم مجرد محطة مؤقتة، أجبن بأن الجميع اعتقد بأنه سيعود ولكنهم اليوم لا يؤمنون بذلك كثيرا ولكن لمعة عيونهن وبريقهما عند الحديث عن بلدتهما الأصلية لم يتركا لدي شكا بأنهن ما زلن يحملون الأمل،
وبرغم
الفقر والحالة المأساوية التي يعشنها كن قد صممن على أن نشرب الشاي ولكننا تحركنا سريعا قبل ذلك،
حركتنا أرهبت الذبابات التي عادت لتجتمع عند الباب فتفرقت وشققنا طريقنا وسط المخيم

في مركز النشاطات الرئيسي هناك كان فتيان وفتيات الجيل الرابع يهيئون أنفسهم لنقل تلك الطريقة المبتكرة في التعبير عن ذواتهم، وكان أطفال الجيل الخامس بشغف ينتظرون اللحظة التي يؤذن لهم فيها الصعود على خشبة المسرح وكأنه ليس مجرد درسهم الأول ولكن يوم التعب الأول الذي يشعرون بعده بالسعادة وينطلقون إلى عالم أبعد ما يمكن عن الواقع الذي يعيشونه وأقرب ما يمكن إلى طائر محلق.
ألا تشعر الطيور عادة بالنشوة؟!.

Thursday, June 21, 2007

يا بتقرف يا بتشلح

يالله شو هيك زهقانة وقرفانه ومش طايقة اشي، عادة لما بكون هيك بكون بدي أطلع أروح أسافر على أي مكان، بس المشكلة هاي المره انو حتى أسافر مش جاي عبالي، امبارح كنت عمالي بقرأ خبر على موقع إخباري ولا بمر خبر بقول انو اسرائيل تضع في مطار تل أبيب ماكينة تفتيش جديدة، من شهر ونص هيك اشي كنت بقرأ خبر على موقع آخر وأوردو نفس الخبر بس هديك المره كانت الماكينه هاي في مطار شيكاغو، بس صارت عليها ضجه كبيرة وقامت الدنيا وما قعدت لحد أصدروا قرار بمنع استخدام الماكينة بس ما بعرف إذا شالوها من المطار ولا ضلت موجوده، المهم ما أخذ الموضوع كثير صارت الماكينة واصلة، باختصار الماكينة عبارة عن
scanner
اشعاعي، بتدخل المطار، بتمر أول مرحلة تفتيش والتانية وإذا شكوا فيك ويمكن ما تكون كثير محتاج انهم يشكوا فيك، لأنو هويتك بتعرف عنك، المهم بدل ما تغلب الموظفين والموظفات في المطار وتبهدلوا بعض بإنو انت تشلح وهم يشموا سواء ريحة رجلين أو غيروا بتدخل جوا هاي الماكينة الجديده، لحظتين تلاته من وقتك الثمين عزيزي المسافر فقط! بكونوا صوروك والمخفي بان، سواء في للموضوع ضرورة أو ما في، الشباب اللي على شاشة الماكينة بشوفوك
totaly naked
يعني كلو على المكشوف، أون لاين... مهو يا إما بتتشلح يا إما بتتشلح! مفش فيها
بس مش هون مربط الخيل، المشكلة في اشعاعات عم بتمر على أي حد بتفتش خلال ثواني، بتخترقوا ويعطيكم ألف عافية
شو نوع هالاشعاعات؟ كيف بتدخل، كيف بتطلع؟! الله أعلم ، وين بتصفي عزيزي المسافر بعد سنة أو كم من شهر بردو الله يعافينا وهو أعلم
يا بشر بطل الواحد طايق يعمل اشي، بدو يفكر بالسفر بيحسب ألف حساب بدو يفكر بانو يضل مضروب على عيشتو وقاعد في الدار بردو صار يحسب ألف حساب، شو بدي أعمل في الدار، هالقيت بدي أقعد أشوف ولا أسمع الأخبار! لاء لاء خليني الاقي محل وأفك على البدري أحسنلي لأحسن ما تليل وبعدين تنزل التعليقات، عوين، من وين، طيب ليش، هو ضروريييييي، ما بصير المشوار يتأجل، طبعا ليش كل هالأسئلة بردو ما حد بيعرف بس هي اجمالا هيك بترافق كل طلعه ودخله حتى لو كانت على الشغل، بسيطه !!! شكلي بدي امسكلي كتاب وارجع أقرأ على كل الأحوال لأنو هناك معقول اني اغير جوا وأنا محترمه ، بعيييين

Tuesday, June 19, 2007

فداء

أوائل الصور اللي أخذتها بعد ما كنت بديت مساق التصوير الفوتوغرافي في الجامعة

امبارح هيك صار

الساعة التي مضت كانت أسوء من مجموع الحوادث السيئة طوال عقد مضى ، قررت أن أذهب لزيارة صديقة عمري بعد العمل وكنا طوال أشهر مضت نتهاتف أكثر مما نلتقي، لكني لم أتوقع أن أعود لأجد بأنها تغيرت من ناحيتي كل ذلك الكم وبهذه المدة القصيرة... كانت أقرب إلى الاستهزاء والسخرية، وإلى الاتهام والنظرات المليئة باللوم، لم أعرف لم كل ذلك في بادئ الأمر وظننت أن عدم تزاورنا هو السبب الحقيقي ولكن سرعان ما تبين أن ذلك لم يكن صحيحا أبدا،
كنت أعرف تماما أنها غير واعية بقدر كبير وأنها كثيرا ما تتأئر بوالديها وأسرتها التي تقضي وقتا طويلا في الكنيسة، أحترم فيهم ذلك لأبعد حد ولكنني لم أتوقع يوما بأن نتصادم هنا وفي هذا الطريق تحديدا،
مذ كنا أطفالا لم نعتد أن نناقش أي موضوع يتعلق بالمعتقد الديني أو ما يفعلونه أو نفعله، أكره هذه التفرقة إلى حد كبير ولم أتوقع أن أتحدث عني وعنها في هذا السياق... فمن خلال متابعتهم للأخبار والأحداث التي كانت قد توسعت صباحا ليحرق بعض المسلحين في مدينة غزة الكنيسة اللوثرية ومدرسة ودير الوردية، أطلقوا أحكاما غريبة جدا واتهموا الدين الإسلامي بأشياء غريبة فعلا، والغريب أنهم تجاهلوا كل ما يحدث إلى أن سمعوا نبأ إحراق الكنيسة أو الدير! نظرت إليهم عندما تحدثوا عن ذلك بصمت ولم أتحدث وظنوا للحظة أنني منزعجة وبأنهم بالغوا في اتهاماتهم وتعليقاتهم، فنهرت صديقتي أمها التي ارتفعت نبرة صوتها لنوع من الصراخ وقالت "إلى متى سأبقى صامتة ،أليس ما يفعلونه حراما، فنحن على الرغم من فعلنا الخير للجميع نلقى الأسوء دائما " وبدأت حينها دائرة من الكلام الذي لم أعرف سببه أو أجد مناسبة له، جيراننا يسبون الصليب، يهينون ديننا وهكذا، أعرف بأن ثقافة مجتمعنا غريبة جدا وليس فيها تقبل لأي عنصر مختلف ولكن لا يمكن تعميم هذه الظاهرة أيضا، لا يمكن أن نكون بهذا الغباء، لا أظن أني حاولت أن أفعل شيئا حيال كل ذلك، انتقلنا إلى التحدث في مواضيع كثيرة ثم عدت أدراجي إلى المنزل،،، عندما وصلت إلى الحي أردت أن أحلي نفسي وأسرتي فمررت "بجعفر" عمو من فضلك كيلو نموره بالقشطه، على راسي عمو، حملت الطبق وأنا أُغرق جميع أفكاري بالقشطة بدل مرارة الموقف اللي مضى من شوي..
،

ساعة في شارع المدينة

بدأت ثورة البركان في داخلها فجأة، قفزت من مقعدها وأعلنت العصيان على الشاشة التي باتت منذ أشهر تعمل أمامها دون توقف برتابة مملة ودون إنتاج حقيقي.
قررت بأن لديها عملا خارج جدران مكتبها الصغير وبأن هناك ما يتوجب إنجازه في تلك الساعة. خرجت وسلكت طريقا من عشرة أو مئة كانت تعرفها مسبقا، أنهت ذلك العمل الذي خرجت من أجله سريعا ثم مرت ببائع الورد وابتاعت باقة من التغيير الذي ظنت بأنها تحتاجه فعلا.
خطت ابتسامة نفسها على ذلك الوجه المرهق منذ أشهر، ظنت بأن هذا هو الحل ولكن سرعان ما باغتها إصرارها الداخلي على أن أي شيء لن يقتل الملل، فقالت لنفسها لدى مرروها ببعض النساء القابعات على طرف الرصيف يطلبن المساعدة: "كم أنا جشعة مترفة، أشتري الورود بينما تلاحقني أعين المساكين، ترى كم سأهنئ بهذه الزهور؟"
فجأة تلاشت الابتسامة وغاب ذلك السحر الذي يجتاح عيونها عندما تضحك، وتذكرت عنوان رواية توقفت عنده منذ فترة، "ماكياج خفيف هذه الليلة"، على الرغم من الحركة التجارية الكبيرة يجلس أولئك ليسألوا منة الغير، وعلى الرغم من الحزن البادي على وجوههم فإن مدينتهم أضحت تدريجيا تحترف إخفاء مشاعرها وأحزانها سريعا،
مقابل بوابات إحدى المجمعات التجارية وقف نفر من الشبان، خمسة أو ستة على الأكثر، كانوا ينظرون إلى جثة أنزلت من العمارة، لم تكن نظراتهم تحمل أسى بقدر الفضول، عجبت لذلك وشعرت بارتياب حقيقي وأكملت طريقها.
وصلت إلى آخر شارع المدينة ومرت بمحاذاة المكان التي كانت تحب غالبا أن تقضي به وقتا بعد العمل برفقة الأصدقاء ثم عادت أدراجها من حيث أتت، وصلت ذلك المبنى ثانية واختارت أن ترى المشهد من خلال أعين ذلك الشاب الذي كان يجلس في خلفية حافلته التي استخدمها كدكان أيضا، مكتفا كان يجلس في المرة الأولى لدى مرورها، يتابع المشهد ببلادة وتأمل عميقين، لطالما كانت تظن بأن العيون الزرقاء غالبا لا ترى بوضوح وتوهمت بأن الناس الذين لديهم عيون زرقاء غالبا ما يقلصون المسافة بينهم وبين الأشياء ليروها بوضوح، إلا صاحب هذه الحافلة، جلس دون أن يحرك ساكنا حتى أنه لم ينادي ليبيع، غريب ذلك الصمت المرتفع الصوت، ينم عن شيء ما قد يكون اقترب.
رأت المشهد من خلال ذلك الشاب... هل انتهت العملية؟ هل ذهبت الجثة إلى غير رجعة؟ نعم.
عادت المدينة إلى عادتها...
وكأن شيئا لم يحدث...
ولكنها ودون أن تلاحظ أسقطت حجرا من جدارها، ويتوالى سقوط الحجارة دون أن تلاحظ أو تشعر هذه المدينة ويبقى مساكينها على قارعة الطريق والموسيقى تعلو بصخب من جميع زواياها والمساحيق تزين وجه المدينة التي تقضي أشهرا أمام المرآة لتخرج بأبهى حلة،
ترى متى تكبر المدينة وتتوقف عن الاختفاء وراء أقنعة ومساحيق! متى يأتي يوم بماكياج خفيف ويصل الشيء الذي يقترب فيختفي المساكين ويختفي من يجلس في أطراف المدينة عن قصد.

Monday, June 18, 2007

1948 خطوة

"على بعد خطوة من الذكرى وتسعة من المنفى وأربعة من البحر وثمانية أخرى من الطريق الشمالي المؤدي إلى حيفا، يختفي كنز وتظهر آثار أقدام مضطربة عبرت الأرض أو الماء قبل ستة عقود أو أكثر...

ما زالت جذور البيت الصيفي الذي لم تطأه قدماي متغلغلة في أعماق داخلي، وما زلت أشتم رائحة ياسمينة الجيران ورياحين جدتي وأقشعر لقطرات المياه التي ترشق وجهي ويداي وتبلل شعري في ليال كنا نسهر فيها على شرفة أسفلها بحر كبير عاشت فيه سمكة قرش خلتها لن تستطيع يوما الاقتراب لتقضم أخشاب شرفتنا وأحجار بيتنا وشتلة الريحان في القارورة ومعظم أيامنا أيضا.

كلما عبرت الريح جللت أعيني بموجة من البحر الذي بات يسكنني ولا أستطيع أن أسكنه وزحفت على أطراف أقدامي وبين أصابعي ملوحة مياهه محدثة لذة موجعة في جروحي فأستيقظ فجأة لأعود إلى هنا، حيث أُعطينا حياة مؤقتة إلى حين أن نعود أدراجنا من حيث جئنا...

حياتنا في المخيم على بعد 1948 خطوة أو هكذا أتصور، لا يمكن أن تعني أكثر من محطة انتظار مؤقتة، أظن أننا حتما سنعود يوما..."

أظن ذلك ما استطعت قرأته في مجموعة من العيون الحيفاوية، كانت المرة الأولى التي أزور فيها مخيم نور شمس في الضفة الغربية وهو مخيم هُجر معظم سكانه من القرى الحيفاوية في العام 1948، دهشت لعدد من الإشارات التي صادفتها أو وقعت في طريقي، عيون الناس متشابهة ومميزة هناك، صادقة حقا ولامعة جدا حتى أن منهم من يكتفي بالنظر ويترفع عن الكلمة وخاصة عندما يتعلق الأمر بالذكرى أو المكان الأصلي الذي ينتمون إليه.

لاحظت أن على الجانب الآخر من المخيم سكة قطار حديدية قديمة ترفض أجزاؤها المتبقية الاختفاء وكأنها تحدث فيهم ذلك الهاجس الحي، تبعث فيهم بوحشية ذلك الشعور بالتمرد على الواقع الحالي وتقول :" أنا كقراكم موجودة لا أتلاشى، وأنتم كالقطار مهما عبر وغاب فإنه حتما سيعود، كالشمس التي تشرق في ظهوركم وتغيب على مرأى من أعينكم بمشهد تنقصه السنديانة أو صبارين أو أم الزينات".

في المخيم أيضا ميدان صغير وشجرة وصبار لا يُقتلع ورائحة طوابين، أظن في حيفا شيئا كهذا أيضا وإلا لما كان هنا يوما...
أغرب شعور هو ذلك الذي قد يراودك عند الوقوف في المخيم باتجاه حيفا، لا أعرف لماذا رأيت المتوسط، سمعت هدير أمواجه وداعبت نسائمه قسمات وجهي.

الثلاثاء 9 كانون الثاني 2006

بعد عامين

وكأنني هادئة فعلا، وقفت إلى جانب المقعد بذهول غريب إلى أن دفعني أحد الأصدقاء الذين كانوا برفقتي.
كانت المرة الثالثة التي أركب بها قطارا لأنطلق إلى البلدات المجاورة للبلدة التي كنت أقيم فيها.

فبعد أن مرت بنا مفتشة التذاكر أو ما يسمى (الكونترول) واكتشفنا من نظراتها المتسائلة بتعجب بأننا في المكان الخاطئ، أخبرتنا بأن علينا التوجه إلى قاطرة الدرجة الثانية شاسعة الفرق، وعندها حدث كل شيء.

كنا نضحك ونتبادل التعليقات إلى أن وصلنا إلى مقاعدنا في الدرجة الثانية حيث كانت جلستي بجانب الشباك.
عندها كنت قد هدأت وانسحبت من دائرة الضجيج الذي كنا نحدثه، ولحملي على الرجوع ثانية لذلك، قام أحد أصدقائنا بسحبي لأجلس قبالته في الجهة الداخلية وأقعد صديقة أخرى مكاني.

لم أكن أريد النظر إلى المقعد المجاور المقابل لي، فهناك من يراقبني مذ وطأت القاطرة.
حاول صديق لي بأن يستفزني بعدد من الايماءات الساذجة لأنظر إلى الأعلى، إلا أن موجة من الخوف الممزوج بالخجل اجتاحتني فجأة بسبب ذلك الرجل في المقعد المجاور. قد حاولت مليا الاختفاء في معطفي الأسود وكان ما يزال يراقبني ولاحظت ذلك بوضوح مع أني لم أنظر مباشرة إليه.
قررت بأن لا علاقة لي به وأني لا أعرفه ولم أره مع أن هاجسا داخليا ظل يبعث بي شعورا أقوى بأن تلك المعالم الغربية ليست بغريبة أبدا وإلا لما كان سيطيل النظر هكذا إلى درجة تجعل المحيطين يتساءلون باستغراب إذ ما كنت أعرفه.
بعد تجاهل طويل هزمتني الرغبة في أن أنظر إليه.
فعلت،
فما كان منه إلا أن ابتسم وغمرني بأشياء غريبة مختلطة، خوف أكبر وفرح عارم ورغبة في أن أحدثه عن كل الذي كنت أود أن أقوله على الملئ في لحظات أناجي فيها لا أحد سوى نفسي.
إنها المحطة الثالثة وقد وصلنا إلى البلدة التي كنا سنزورها، اتمنى لو أني قلت أي كلمة بلغة أهل البلد عند هبوطي من القطار لذلك الرجل ولكنني لم أفعل.
كأن القدر أحيانا يمنحنا فرصا ذهبية لتحقيق أشياء كنا نرغب فعلا بأن نحققها،
مر عامان تقريبا وانتهت سنوات الدراسة،
عصر يوم شتوي ممل بددت ملله ضحكات شقيقتي وصديقتها اللتان هاتفتاني واقترحتا بأن نعود إلى المنزل سويا، مرة أخرى وقفت بذلك الذهول،
هناك من يراقبني!
تلك الملامح الأوروبية المألوفة، نفس الرجل، هو عينه، الغريب الذي التقيته منذ عامين في قاطرة الدرجة الثانية موجود هنا أمامي مع مجموعة من أصدقائه.
كاد قلبي يتوقف عن النبض، لا أعرف إن كانت شفتي السفلى قد ارتخت كثيرا ولكنها فعلت حسب ما أذكر بقدر نصف فم مقتوح...
أظنه تعجب أيضا لأنه لم يبتسم ولم تحركه تحرشات صديقه الذي كان يحاول استدراجه ثانية إلى حديث كانوا قد بدأوه.
وصلت الحافلة وعشرات من الركاب ينتظرون وأما نحن ففي حالة من الصدمة، المقاعد محدودة وقطرات من الماء بدأت بالتساقط، سحبتني شقيقتي لركوب الحافلة، حاولت سريعا بأن أشرح الموضوع لهما ولكنهما استبعدتا أن يكون نفس الشخص ولكني كنت على يقين تام بعكس ذلك.
بدا أن واحدا من الأصدقاء سيستقل الحافلة التي ركبتها، وبلغة فهمتها جيدا عرفت بأن الخيار لم يقع عليه،
كان بإمكانه أو بإمكاني أن نعبر بأكثر من مجرد الصمت وننطق بالكلمة التي باتت تختزنها أطراف ألسنتنا منذ عامين إلا أنني على الأقل اخترت إغراء القدر بفرصة ثالثة،
التفت، صعدت سلم الحافلة، وانطلقنا بينما هم يتبللون بسبب المطر ويراقبون مغادرتنا
...

لكما



كانت محادثة سريعة جدا، لم تتعدى بضع كلمات فقط، حتى أنها خلت من تلك التعابير البذيئة التي كنا نتقاذفها كنوع من الدعابة الرديئة، وضعت الهاتف جانبا وانزلقت في الكنبة الكبيرة التي كنت أجلس بها وبحركة تلقائية وكعادتي عند موقف كهذا تسلل أصبعي إلى فمي وبدأ أظفري بنقش جرح في لثتي الأمامية، طعم الدم أوقذني من جولة من التعنيف ضد ذاتي فأسرعت لتناول فرشاة أسناني مع أني أعرف تماما بأن الأمور قد تحل بمجرد غسل فمي بالماء ولكن الفرشاة كفيلة بأن تحدث ألما أكبر وتفرغ بشكل أسرع تلك الكمية الهائلة من الطاقة السلبية ولو بسيل من الدم ورعشة من الألم.

سأخبرك ثانية بأنني كلما أسدلت الصفحة الأخيرة لكتاب تذكرتك، كانت تراودني دائما فكرة التقاط سماعة الهاتف والحديث إليك عن ذلك الكتاب أو ذا، تيك الفكرة أو تلك، فكان صوتك يسبقني دائما، يستدرجني بكلمة واحدة لأقول كل الأمور، صغيرة كبيرة، غنية تافهة، وصدفة اكتشفنا سبب ابتعادنا اللذيذ بين صفحات الكتب وفي مكان قرر كل منا أن يذهب إليه بغير علم الآخر، جمعنا القدر مرة أخرى على عتبته ذات عصر يوم أظنه كان ربيعيا، تماما ككل التفاصيل هناك وكذلك الرجل الذي أصبحت أجسادنا تتراقص لرؤيته وقلوبنا تهوي عند غيابه. أظننا تعلمنا أكثر مما كان يجب أن نعرف وعمنا حتى الغرق الذي ندركه اليوم ونعتبره أجمل نزهة استكشافية خرجنا إليها.

هناك جمعتنا أجمل عتمة عشناها ورائحة أوراق الكتب المصفرة التي كنا نعشقها. أكانت العبثية أم البساطة أول ما استدرجنا معا في وقت واحد إلى هناك؟
تمر في رأسي عدد من الصور في هذه اللحظة، دهشتنا أمام حركة أيدينا التي اكتشفنا بأنها لم تكن عادية أبدا، عندما قررنا أن نراها عن بعد ونفصلها عن أجسادنا، وأذكر أيضا ذلك اليوم الذي بلغت سذاجتنا فيه حدا لا يطاق، أغلقنا أفواهنا بشريط لاصق وقررنا أن نجد طريقة أخرى للكلام، أن نبتدع علم أصوات جديد وقاعدة تشبهنا، أذكر دموعك لسبب ما، وما زلت لا أدري إن كان لديك حدس مسبق بأن شيئا كالذي حصل كان سيحدث. أذكر ضحكاتنا وتململك الدائم، وورقة صغيرة كتبت عليها كلمات لغاندي وأحب كثيرا أن أرددها ثانية هنا "لا أريد لبيتي أن يكون مسورا من جميع الجهات ولا أريد أن تكون نوافذي مغلقة، أريد أن تهب على بيتي ثقافات كل الأمم بكل ما أمكن من حرية ولكن أنكر على أي منها أن تقتلعني من أقدامي، إن مذهبي ليس دينا مغلقا ففيه مجال لأقل مخلوقات الله شأنا ولكن يستعصي على الكبرياء العاتية، كبرياء العرق أو الدين أو اللون".
أتذكر ابتسامة كانت تحتضننا دائما وكثير من أشياءنا التي تخلت عن منزلينا وكلمات هجرت أفواه أناس كنا نحب أن نسمعها منهم "روحك إلك" كلمة واحدة فقط كانت تعطيني إحساس الفراشات التي تدغدغ أمعائي أو نجوما تبرق من حولي... أذكر أنه المكان الوحيد الذي من أجله تركت عددا من مقتنياتي الغريبة الفريدة.
أستطيع استعادة فضولنا في اكتشاف داخل الصناديق القديمة على الرفوف العلوية. ماذا كنا نظن؟ لماذا كنا نقحم أنفسنا في ذلك؟ المهم أننا لم نحقق ذلك وتركنا مع كثير من الأمور العالقة هنا، ذهب جزء مما كان يجمعنا...

كنا غالبا ما نتحفظ كثيرا على وصلة غنائية يومية لأم كلثوم واكتشفنا عشقا لهذا الصوت لا نعرف مصدره، يقتحم آذنينا ويتماشى مع قاعدة الأصوات التي عجنت بجنوننا.

منحنا ذلك المكان الذي وطأته أقدامنا صدفة شكلا آخر من كل شيء، فحتى انتظارنا لصباحات الصيف أو أيام الشتاء فقد أصبح مغايرا، فما أن تنشقنا نسائم الصيف الأولى وحددنا الزوايا التي يصلها الضوء أولا حتى ملئنا شغف أكبر لمراقبة الشتاء من خلف ذلك الباب ذاته، هو، الذي مررت به صباح اليوم ووجدته مقفلا... سيقبل الربيع قريبا وأود لو تزهر أشجارنا الثلاث ثانية.

أول كتاب ابتعته من ذلك المكان، المكتبة، ومن صاحب المكتبة تحديدا، كان "لوعة الغياب"، لم أكن أتوقع بأنه يمكن للقدر أن يتلاعب بي هكذا ويسرق الزمان والمكان ونعرف معا لوعة الغياب، وأن يفرقنا إلى حين عودة...

ها قد غربت شمس هذا اليوم، إنها السادسة تقريبا، منذ فترة اعتدت أن أغلق نوافذي، لا خوفا من برودة الطقس بل خشية المذياع، وها هو مذياع جارتنا يعلو تدريجيا وأم كلثوم ستغني الرباعيات وسأبقي النافذة مفتوحة، سأحاول استفزازك في المرة القادمة لتقاذف البذاءة وأسمع الكلمات التي أحب أن أكمل يومي بها، سأضع في معصمي سوارا من خيوط الصوف وسأسدل صفحات أخيرة لكتب كثيرة، سنناقشها في وقت ما. ألا يستحق ذلك الرجل منا أكثر من مجرد انتظار عودته يجب أن يعود ليجدنا كما كنا، نتابع الثرثرة التي قلما انتهت ونخترع وصفة العجب تلك...
دعنا نقول بأن نتوق شغفا لرؤيتك وعودتك، لأن أشياء كثيرة كانت قد فقدت معانيها وسحرها الخاص أثناء غيابك ومرضك.
صديقنا هذا مختلف جدا وصاحب مكتبة مختلفة جدا ومنذ فترة تركنا ليكمل علاجه بسبب المرض.

Saturday, June 16, 2007

بين أحضان فزاعه

أبي، وصل، مؤكد هو، فأمي قالت بأننا عند وصوله فقط سنشعل العالم فرحا بالمفرقعات، أصوات المفرقعات تعلو وتعلو، كميات كثيفة منها تُطلق. إذن حتما عاد أبي

لكن أم مارسيل لم تعلمه بذلك، ربما أنها أرادت أن تجعل من مجيء والده حدثا مفاجأ، ولهذا السبب تركته يبقى في سريره بسبب المرض وهرعت هي لإحضار أخته الصغيرة عهد من الحضانة، ولنفس السبب مؤكد بأن عمته عائشة اشترت لهما سترتين جديدتين.

لكن أبي باغت أمي وقدم قبل الموعد المحدد… هكذا تسارعت الأفكار إلى مخيلة الصغير لدى محاولته جر كرسي ليتسلق رف أواني الطهي البلاستيكي في المطبخ ويطل من النافذة التي تكشف واجهة المخيم أملا في رؤية والده الذي بات ينتظره منذ ثلاثة أعوام.

كيف سيكون شكل والده؟ هل أصبح مارسيل طويلا مثله، أما زال قويا ويمكن له أن يحمل كيسين من الدقيق على كتفيه في آن واحد؟ وهل ما زال ذلك الخيط ملتفا حول معصمه؟

بعينين يلمع بهما شغف وصل إلى الرف الأخير وبحذر شديد حاول الانتصاب حتى لا يقع ويغضب والدته التي أوصته بألا يغادر سريره إلى أن تعود.

ولكن المنظر كان مخالفا تماما للصورة التي رسمها مارسيل، لماذا تقف هذه الأشياء الغريبة قريبة من مدخل المخيم، وما هذه الصناديق المتحركة خضراء اللون؟
لا يمكن لأبي أن يحضر أشياء مخيفة بهذا الشكل إلى المنزل.

أم خالد تحمل ابنة ولدها خالد التي أحضرتها أمها وخالد معهما قبل يومين من المشفى عندما أحست نعمة بأن البالون الذي في بطنها سيطير إلى الخارج.

حركة غريبة فعلا وأصوات المفرقعات أضحت كثيفة جدا.

هبط مارسيل إلى الأسفل، وركض باضطراب في كل اتجاهات غرفة المنزل الوحيدة، تسائل: لماذا تأخرت أمي، لم يكن يجدر بها تركي وحيدا،

صوت انفجار قوي شل حركة الطفل تماما، تسمر في وسط المكان وانصت إلى صراخ الجارات اللاتي كن يقلن أشياءا مرعبة، كأنه سمع دعواتهم للهرب من المنازل،
اغرورقت أعينه بالدمع وبحركة سريعة ركع بجسده الصغير الهزيل تحت سريرهم جميعا، التقط حذاءه وانزلقت قدماه فيه دون أن يرتديه تماما وخرج من المنزل.

في الطريق المؤدي إلى قاعة النادي كانت تتوجه أم خالد راكضة والصغيرة بين أحضانها، أوقعت غطاء الطفلة الوردي ولم تلتقطه فانحنى مارسيل ورفعه وركض وراءها،
كانت المسافة بينهم بعيدة نسبيا ولكنه سمعها تصرخ وقد توقفت لحظة، باسم والدته وأخته، كما وأنه رأى فتاة وسيدة ملقاتان في وسط الطريق.
اقترب منهما، وقف فجأة أمام والدته وشقيقته، أدنى رأسه قليلا وجعل يمعن النظر في جسدين ملطخين بالدم، صرخ بهما بكل قوته: انهضا، اسرعا، سيدوسكم الناس إن لم تنهضوا، سأحضر ماء لأغسلك يا ماما ويا عهد… أطبق أسنانه وقبضتاه على غطاء طفلة خالد ونعمة ولكنه سقط رغما عنه،
التفت وقد انهكه السعال بسبب الجري والمرض والخوف،
لا أحد هناك…
اقتربت العمالق الخضراء وصوتها مرعب ،
اختفى مارسيل بين البيوت ثم ركض باتجاه المنازل حتى وصل طرف المخيم حيث أرض مقفرة،
اختبأ وراء جدار اسمنتي صغير لكن صوت المفرقعات يعلو ويقترب،
نهض مارسيل ونظر إلى الأرض المليئة بالأشواك ولم يرى إلا الفزاعة، لم يبقى من حوله شيء إلا هي،
الشيئ الوحيد الذي يقف منتصبا ويبدو بعيدا،
بدأ يجري باتجاه الفزاعة وينظر بين كل خطوة وأخرى إلى الخلف،
بعينين تملكهما الرعب وبمزيج من صوت لاهث باك، اقترب منها وكانت ما تزال مشرعة يديها،
قفز باتجاهها وعانقها بجنون،
مرة أخرى نظر إلى الخلف ورأى الغبار والنيران في المخيم،
تشبث بقوة أكبر يحاول الاحتماء بالفزاعة التي كانت مرتفعة قليلا…
بيديه الصغيرتين جعل يضربها ويدفعها إلى الوراء ويبكي دون أن يقول كلمة واحدة،
لم تعانقه كما كان يظن.
هبطت يدا الفزاعة نتيجة للكماته المتكررة،
أجفل لحظة ثم ضمها وعاود عناقها وتقبيلها برجاء وفجأة بدأت الفزاعة بالتخلخل،
دفعت بالصغير على الأرض وسقطت فوقه،
حاول تخليص نفسه وعلا صوت صراخه ولكن أصوات المفرقعات كانت مرتفعة أكثر مما ينبغي.
استأنف محاولاته مرارا في جر نفسه من تحت الفزاعة ولكنه عجز عن ذلك
ومع تكرار المحاولة وانغماس أنامله في التربة وتسربها إلى العمق، أحس بأنها علقت في حبل ما في الأرض وقد بدا له متينا بعض الشيء، شد نفسه إلى الأعلى ممسكا بالحبل عله يعينه على الخلاص ولكن يده أفلتت بقوة وخرجت من التراب.
في طرف أصبعه التفت أجزاء من خيط رث، لكن أليس هذا هو الخيط الذي طالما ارتداه والده في معصمه،
نعم،
هذا جزء منه.
ولكن كيف… ولماذا؟
وترى أين يكون والده
!...

خارج دائرة التغطية

بداية
لا أدري كيف اتخذت القرار أخيرا بأن "أحصل" على مدونة
ثانيا
لا أدري لماذا أختار هذا المكان بالتحديد لأسجل مدونة مع العلم بأنني أعمل في مشروع لتشغيل المدونات ولي الحرية في أن أختار الاسم الذي أريد دون أن يكون قد سبقني إليه أحد
ثالثا
لا أدري لماذا أختار بأن تكون كلمة مروري دعوة لكم لوقف القتال أيها البشر
رابعا لا أدري لماذا أختار اسم
logged-out
وكأن تلك السلسلة التي باتت تشدني منذ فترة وتمنع وصولي إلى هنا أدركت بأنني قد نجحت في الإفلات من الخناق نسبيا ولكنها عرفت بأن حلقة منها ما تزال تساور كاحلي فأبقى هنا وهناك، بين بين، مع نفسي ومع سجني القديم
خامسا
لا أدري لماذا اخترت هذا القالب
الأسود كان الأنسب لنظري ولكني لسبب لم أعرفه تخطيته
الملون يشعرني بأنني مكشوفة جدا، عارية جدا
النبيذي كان جميلا ولفت نظري بسرعة ولكنه يذكرني بدالية العنب التي كانت في بستان بيتنا القديم ولسبب أقتلعت
هذا اللون أقرب إلى الأسود والملون والنبيذي معا
أحبه الأكثر
سادسا
لماذا أكتب هذه الأشياء الغريبة
سابعا
لماذا الأرقام ويوما لم أستخدمها في كتابتي
لا أدري ومن يدري
عسا أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم
وهل أكره ذلك
لست متأكدة من ذلك
أعرف شيئا
وهو أن كثيرا من الوقت سيمضي قبل أن أدري تماما